نـور24

عن استرجاع 24 جمجمة بطل جزائري من فرنسا.. هل نحن على خطى الاعتذار؟؟

 

سيف الدين رحماني
الثالث من شهر يوليوز 2020، يوم عظيم مشهود للجزائريين، و ملحمة تاريخية تتكرر بين صفحات الماضي و الحاضر. أولاها كانت في القرن العشرين ثورة نوفمبر المجيدة؛ أما الثانية ففي استرداد رفات هذه الثورة ومخلفات حقبة ما قبل البداية.
اثار حادث استرجاع 24 جمجمة بطل جزائري سقط أيام اصطلام الجحافل في الثلث الأول من القرن التاسع عشر، حفيظة الوطنيين من أبناء الجزائر و أحفاد نوفمبر المجيد..
من أصل 37 جمجمة لرأس بطل معلوم بالاسم و السنة التي استشهد فيها مرقمة و مودعة في صناديق في متحف التاريخ والطبيعة بباريس. وأما جماجمهم الطاهرة، فستظل شاهدة على جرائم فرنسا الوحشية، وعلى كل مَنْ ضيع العهد و الأمانة.
همجية الافرنج…و وحشية بني الاصفر:

 

متحف سراديب الموتى في فرنسا الذي يقع في باريس، مبني بجماجم 6 ملايين بشري ويزيدون
و للذي تخفى عليه همجية و وحشية المستعمر الإفرنجي، فليعلم أن متحف سراديب الموتى في فرنسا الذي يقع في باريس، مبني بجماجم 6 ملايين بشري ويزيدون ، يدر دخلا خياليا للخزينة الفرنسية يقدر بملايين الأوروهات في السنة، وثمن الدخول للمتحف المقدر ب13 أورو…للفرد.
كيف حصلت فرنسا كل هذا ..؟ دعُونا نستعرض له ما قامت به فرنساه البعيدة ابعدها الله.
متحف سراديب الموتي في باريس
اولا: المهمة النبيلة للفرنسيين ….الاستئصالية في أعلى مستوياتها. طمس للهوية و الذات الانسانية …هو ديدنها المعهود في كل ارض وطئتها غصبا.
منذ احتلالها الجزائر، في 5 يونيو 1830، عمل الإفرنج الهمج على طمس مقومات الهوية الجزائرية، لغة، ثقافة، عرقا، و دينا، باشرت حربًا شرسة على المساجد والمدارس القرآنية، وشيدت أول مدرسة للتبشير بالمسيحية، عام 1836. كما سنت قوانين للفصل العنصري وصفت الجزائريين بالأهالي والمسلمين والعرب، وسخرتهم كخدم عند المستعمرين، بعدما سلبت أراضيهم.
ثانيا: جماجم المقاومين:
” بيننا و بين فرنسا انهار من الدماء و جبال من الجماجم” هواري بومدين
  وعضد هذا القول المؤرخ الجزائري محمد الامين بلغيث بقوله ” بيننا و بين الفرنسيين عشرة ملايين شهيد مجندل بالدماء و أكثر من 64 مليون لتر سفكتها بنادق الفرنسيس وشربتها أرض الكريهة و الوغى”. 
في مختلف مناطق الجزائر، واجهت الحملة الاستدمارية الفرنسية مقاومة شعبية شيبت المدفعية و ترسانة كبار الجنرالات . ووقفت عدد كبير من المقاومات سدا منيعا بدءا بالامير عبد القادر، فالمقراني, ثورة الشريف الامجد المعروف ببوغلة و كذلك ثورة الزعاطشة بقيادة الشيخ بوزيان. لالة فاطمة نسومر …ثورة الزواوة, مقاومة الطوارق كل هذا ما بين 1830 الى 1819م حتى جاءت الملحمة الكبرى و هي ثورة الفاتح من نوفمبر 1954.
إبان هذه الملاحم فتكت فرنسا برؤوس قادتها وابطالها فحنطتهم و اخذتهم لتحتفظ بهم الى يوم معلوم، في متحف الإنسان في العاصمة باريس عامي 1880 و1881.
ومنذ عام 2011، تطالب الجزائر فرنسا بإعادة تلك الجماجم، التي تم التعرف على هويات 37 منها، من بين اكثر من 18000 جمجمة لابطال المقاومة و التحرر في كل مستعمرات فرنسا الافريقية وهو ما رفضته باريس. حتى قدوم ماكرون الى الجزائر في اطار حملته الانتخابية عام 2017 و اعطائه وعوده للمسؤولين الجزائريين انذاك بالنظر في الموضوع، فتم استرداد 24  في انتظار الباقين.
مجازر فرنسا بالجزائريين
ثالثا: مجزرة 8 ماي 1945:

قوات الاستعمار استخدمت الرصاص الحي، وقتلت 45 ألف من المتظاهرين العزل، في جريمة بشعة ضد الإنسانية.

هذا اليوم التراجيدي أدرجته الجزائر ضمن أيقونة الأعياد الوطنية الرسمية. كانت أكبر وأبشع مجزرة ترتكبها فرنسا في يوم واحد، اذ خرج مئات الآلاف من الجزائريين، في 8 ماي 1945، للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية (1939: 1945)، ولمطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها  بمنحهم الاستقلال. لكن قوات الاستعمار استخدمت الرصاص الحي، وقتلت 45 ألف من المتظاهرين العزل، في جريمة ضد الإنسانية.
رابعا: مليون ونصف شهيد:

عدد الذين سقطوا منذ بداية الاحتلال يصل الى 10 ملايين شهيد

اندلعت الثورة التحريرية الجزائرية سنة 1954، وانتهت بالاستقلال عن فرنسا عام 1962، وخلال تلك الفترة قُتل أزيد من مليون ونصف المليون جزائري، حتى باتت الجزائر تُلقب بـ”بلد المليون شهيد”. و هذا طمس لحقيقة مفادها ان عدد الذين سقطوا منذ بداية الاحتلال يصل الى 10 ملايين شهيد اي 64 مليون لتر دم مسفوك. استنادا لما كشفت عنه الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (خاصة)، في تقرير لها عام 2017 .
وقد أعلنت الجزائر، في 2015، عن الشروع في إحصاء شامل لجرائم الاستعمار.
فمن بشاعتها و جهلها لفقه الحروب نجد ان فرنسا استخدمت المدنيين كرهائن ودروع بشرية في حربها ضد جيش التحرير الوطني الجزائري.
خامسا: جريمة نهر السين:
في 17 أكتوبر1957، خرج حوالي 60 ألف جزائري في فرنسا؛ للتظاهر ضد استعمار بلدهم. واجهت حينها  السلطات الفرنسية المحتجين بالرصاص الحي وألقت الكثير منهم في نهر السين، وبلغت الحصيلة 1500 قتيل، و800 مفقود، إضافة إلى آلاف المعتقلين.

سادسا: تجارب نووية

وتسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة

أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية سلسلة تجارب نووية تحت وفوق الصحراء الجزائرية بين 1960 و1966. وأجرت خلال هذه الفترة 17 تجربة نووية، حسب مسؤولين فرنسيين، بينما يقول مؤرخون جزائريون إن العدد أكبر.أُطلق على التجربة الأولى اسم “اليربوع الأزرق”، وأُجريت عام 1960 في منطقة رقان بمحافظة بشار جنوب غرب الجزائر.

وتسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة؛ بسبب الإشعاعات النووية التي لا تزال تلوث المكان حتى اليوم.
سابعا: “إبادة جماعية”
بشاعة الإستعمار الفرنسي : قطع رؤوس المقاومين وتحويلها إلى بطاقة بريدية رسمية
مارس الاستدمار الفرنسي أبشع أنواع التنكيل والتعذيب ضد الجزائريين، بحسب ضحايا جزائريين ومؤرخين. واعتمد الاستعمار أسلوب الصعق الكهربائي، واستخدم الآبار المائية كسجون، وألقى معتقلين من مروحيات.
الملفات العالقة: 
التجريم, الاعتراف ثم الاعتذار و التعويض مراحل و خطوات لابد منها. يذكر أنه حدثت مبادرة جزائرية برلمانية عام 2006 ( اكثر من مائة برلماني) تبنت اصدار قانون لتجريم الاستعمار, ولكن للاسف اللوبي الفرنكفوني وأدها بقيادة الغابر الدابر بوتفليقة. وقفوا ضده لعدم تفعيله؛ ومن بين الملفات الأخرى العالقة بين البلدين، الأرشيف الوطني الجزائري، ويضم ملايين الوثائق والتحف، حيث نهبته فرنسا وترفض إعادته للجزائر.
ملف الديون التي طلبها الداي حسين من فرنسا قبل انتهاك سيادتها في حقبة ما قبل الاحتلال أيام كانت الجزائر عذراء المتوسط. وكذلك ملف المفقودين خلال الثورة، وعددهم 2200 شخص، حسب السلطات الجزائرية.
كما ذكر أستاذ التاريخ الجزائري، محمد الأمين بلغيث، فإنه “سيكون على فرنسا الاعتراف بجرائم إبادة جماعية لسكان الجزائر منذ 1830”. وأضاف بلغيث للأناضول أن “المستعمر نهب خزينة الدولة الجزائرية، وأرقام نهب الأموال والكنوز مدونة في الأرشيف الفرنسي، وهي عبارة عن خمس سفن فرنسية كاملة الحمولة في الأشهر الأولى للاحتلال”.
كل هذا و ما خفي و لم يذكر أعظم لا يمكن ان ينسى، فتطوى الصفحة و لا تنسى.
من مخرجات الحراك الشعبي الايجابية, انه طالب بقطيعة ثقافية وسياسية مع فرنسا واذنابها وبالتراجع عن مكانة الفرنسية وايضا حمل باريس المسؤولية عن أوضاع الجزائر  الاقتصادية والسياسية و اللوبي الفرنكفوني المتعفن أيام الحقبة البوتفليقية الغابرة، اين بلغ فيها الفطام و زاد عن سن الفطام.
للاسف نعترف ان واقع المؤسسات السيادية والادارات العمومية حتى القرارات الحاسمة والمصيرية في الجزائر في عهدات الغابر الدابر (1999: 2019). كانت كلها تحت رعاية وحضانة اللوبي الفرنكوفيلي الذي يعشق فرنسا و لغتها و كل ما يمت للفرنجة بصلة و لا يريد قطعة مشيمة الوصل معها ابدا. 
عشرون سنة من الانبطاح و بيع الذمة للشركات الفرنسية، مشاريع كبيرة كانت ام صغيرة, اذكر ما قاله لي أحد رجال الاعمال في الجزائر عندما امضى عقد شراكة تركية_جزائرية في قطاع الصحة أنه أتى اليه ازلام اللوبي الفرنسي يهددونه إما بالتعامل معهم و عقد شراكات اقتصادية معهم و الا المصير معلوم التهميش و الاقصاء وىالتفشيل…نعم كانوا يعتقدونها “بقرة حليمة احلب و امخض ديما “.
طلب الاعتذار
و منه خطوة المليون ميل في هذا المراطون النضالي على حد قول احد المؤرخين لتحصيل الاعتراف و بعده الاعتذار فالتعويض لتكاد وشيكة او اخت الوشيكة.
Exit mobile version