نـور24

جائحة “كورونا” تدفع 130 مليون شخص إلى براثن الجوع المزمن

سهام توفيقي ـ  و م ع(نور24)

 تزحف المزيد من البلدان في مختلف أنحاء العالم نحو براثن الجوع الذي يعاني منه حاليا 690 مليون شخص ، بسبب جائحة كوفيد-19 التي تدفع بأكثر من 130 مليون شخص إضافي من جميع أنحاء المعمور، إلى دائرة الجوع المزمن بحلول نهاية سنة 2020.

في الوقت الذي تحتفل فيه دول العالم بيوم الأغذية العالمي، الذي يصادف يوم 16 أكتوبر من كل سنة، يظل التقدم في مكافحة الجوع يُراوح مكانه، وتؤدي جائحة كوفيد- 19 إلى تفاقم مَواطِن الضعف وأوجه القصور في النظم الغذائية العالمية، ومعها جميع الأنشطة والعمليات التي تؤثر على إنتاج الأغذية وتوزيعها واستهلاكها.

في هذا الصدد، سجل تقرير حول “حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لسنة 2020 ” أنّ العالم لا يسير على المسار الصحيح باتجاه القضاء التام على الجوع ،بحلول سنة 2030 ، مما يزيد في الشكوك إزاء إمكانية تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة ، المتمثل في “القضاء على الجوع”.

“كورونا” والمجاعة…

يحذّر رؤساء كلّ من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ،وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، في ديباجة التقرير، من أنّه “بعد مضي خمس سنوات على الالتزام العالمي بوضع حدّ للجوع وانعدام الأمن الغذائي، وجميع أشكال سوء التغذية، لم يتم بعد الوصول إلى المسار الصحيح لبلوغ هذا الهدف بحلول سنة 2030”. فبعد أن تقلص الجوع المزمن بشكل ثابت على مدى عقود، عاد ليرتفع من جديد بسبب الجائحة. ومع أنه من السابق لأوانه تقييم التأثير الكامل لعمليات الإغلاق التام وسائر تدابير احتواء الفيروس، تشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أنّ حوالي 130 مليون شخص قد يعانون من الجوع سنة 2020 ، نتيجة الركود الاقتصادي الناجم عن وباء كوفيد-19.

على المستوى الجغرافي، تعتبر أفريقيا أكثر منطقة تضررًا؛ ويُتَوقع أن تتفاقم الحالة فيها ، إذ يعاني 19.1 % من سكّانها lk نقص التغذية. وتمثل هذه النسبة أكثر من ضعف المعدل في آسيا (8.3%) Pوفي أمريكا اللاتينية وبلدان البحر الكاريبي (7.4 %). وفي حال استمرّت الاتجاهات الحالية، ستصبح أفريقيا، بحلول سنة 2030 ، موطنًا لما يزيد عن نصف عدد من يعانون الجوع المزمن في العالم.

أمام هذا الوضع القاتم الذي رسمه التقرير ، تدعو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى دعم النظم الغذائية المستدامة، وتشدد على ضرورة قيام الحكومات في جميع أنحاء العالم بعمل تضامني مشترك، والإسراع بمعالجة الآثار المدمرة التي سيحدثها التباطؤ الاقتصادي على السكان الأكثر ضعفا؛ كما يتعين على الحكومات الاستثمار في السياسات وبرامج الحماية الاجتماعية التي تضمن ظروفا آمنة، ودخلا لائقا لصغار الفلاحين والعاملين في مجال السلاسل الغذائية.

بالنسبة للمدير العام ل”الفاو” ، شو دونيو، يُعدّ تشجيع الابتكار وتطبيق التكنولوجيات الرقمية في النظم الزراعية والغذائية، إضافة إلى الحدّ من الفاقد والمهدر من الأغذية، دعائم أساسية لتعزيز عملية مكافحة الجوع.

وحسب” الفاو”، فإن المجتمع الدولي يحتاج إلى سد الفجوة الرقمية ،وضمان تدفق التكنولوجيا إلى البلدان النامية، لأن التكنولوجيا لديها قدرة على تحسين كل من النظم الغذائية، وسبل عيش المزارعين وعمال السلسلة الغذائية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الرقمنة هي حقيقة بعيدة المنال بالنسبة لأكثر من ثلاثة ملايير شخص في العالم ممن لايصلون إلى الأنترنت، ويعيش معظمهم في المناطق الريفية والنائية.

واعتبر خبراء منظمة “الفاو” أن التدريب المكثف لتعزيز المهارات الرقمية للمزارعين ، والسماح لهم بالتعبير عن احتياجاتهم وأفكارهم، أمر ضروري، بالإضافة إلى نظام الحوافز لتشجيع إنتاج الأطعمة المغذية والمتنوعة؛ وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن العالم حقق في العقود الأخيرة تقدماً كبيراً في تحسين الإنتاج الزراعي. وعلى الرغم من “أننا ننتج من الغذاء الآن، أكثر مما نحتاجه لإطعام الجميع، إلا أن أنظمتنا الغذائية غير متوازنة”، مضيفين أن الجوع والبدانة، والتدهور البيئي، وفقدان التنوع البيولوجي الزراعي، وهدر الأغذية ، وانعدام الأمن بالنسبة للعاملين في السلسلة الغذائية، هي جانب لبعض القضايا التي تؤكد هذا الاختلال.

وفي انتظار بزوغ فجر مستقبل رقمي للأغذية والزراعة يساهم في خفض عدد الجائعين، يدعو يوم الأغذية العالمي إلى التضامن العالمي لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً على التعافي من الأزمة، وإلى جعل النظم الغذائية أكثر صموداً وصلابة، حتى تتمكن من تحمل التقلبات المتزايدة والصدمات المناخية، وتوفير وجبات صحية مستدامة وبأسعار معقولة للجميع، وسبل عيش لائقة للعاملين في النظام الغذائي. ولن يتحقق ذلك إلا ببرامج أفضل للحماية الاجتماعية، وفرصاً جديدة تقدم من خلال الرقمنة والتجارة الإلكترونية، وكذلك عبر ممارسات زراعية أكثر استدامة تحافظ على الموارد الطبيعية للأرض وعلى الصحة وتحمي المناخ.

Exit mobile version