نـور24

تطوان: ليتحمّل الجميع مسؤوليته إزاء استفحال ظاهرة القاصرين المتشردين في المدينة

 
متسول …قاصر
 عبدالإله الوزاني التهامي
يعاني المواطنون في أحياء عدة بمدينة تطوان، ضمنها أحياء راقية، من تزايد عدد ما يطلق عليه بأطفال الشوارع المتخَلَّى عنهم، أو من يُنعثون ب”الشمكارة”، مع تحفظنا الشديد على مثل هذه النعوت لما تحمله من معاني ودلالات حاطة بالكرامة الآدمية.
إن الظاهرة المذكورة، التي أصبحت تجرف إليها عددا من القاصرين والأطفال، ضحايا السياسات الفاسدة، أخذت أبعادا مختلفة ومتصاعدة، سواء على مستوى التوسع، أو على مستوى ممارسات وسلوكات هؤلاء القاصرين الضحايا.
في الصور العاكسة للمشهد الذي اعتاده المواطنون بتطوان، مع رفضهم لهذا المشهد، طبعا، واستهجانهم له،  عدد من الأطفال من هذا الصنف يتشاجرون كالعادة، إما لاقتسام مبلغ من الدراهم، تم الحصول عليه ، بواسطة التسول والانتحال والاستتعطاف أو بواسطة السرقة، أو “يتشاجرون”  طلبا من بعضهم البعض لسيجارة أو لجرعة من مخدر ما (سيليسيون مثلا)، مشكلين بشجارهم العنيف، خطرا مباشرا على أمن المواطنين ركابا وراجلين ، نساء ورجالا ؛ أطفالا وكهولا، في قارعة أكبر شارع على الإطلاق الذي أُطلق عليه اسم بن بركة، بأرقى حي في المدينة، التي تعتبر عاصمة صيفية لملك البلاد. ويعتبر هذا ،حسب كل من عاين ويعاين الظاهرة ، بمثابة قذف للرعب والخوف والهلع في نفوس المارة، وإخلال بالأمن العام الأخلاقي والمادي.
يحدث هذا ويزداد تفاقما تحت أنظار السلطات المحلية، والأحزاب السياسية، والمنتخبين، وجمعيات المجتمع المدني، والسكان، دون أن يحركوا ساكنا لمعالجة الظاهرة واستئصالها قبل أن تصير فعلا “ظاهرة” مستعصية على الحل.
حسب علمنا ،وحدها الأجهزة الأمنية مَن تتصدى لهذه الحالات، بمحاصرة القاصرين المتشردين الذين يتوزعون على شكل مجموعات، متخذين من أماكن عمومية، وفضاءات ترفيهية ، وهوامش الشوارع، مآوي وملاجىء آمنة إلى أن تشرق الشمس، وتقوم الأجهزة الأمنية بمجهودات جبارة للتصدي للظاهرة بطرق ممنهجة.
لكن تدخل الجهاز الأمني وحده لا يمكن أن يوقف الظاهرة من التفاقم، أو التصدي لها دون رجعة، إذا لم تتدخل الجهات المعنية الأخرى، لإيجاد حلول مقبولة لهؤلاء المتشردين، كإيوائهم في دار خاصة، والسهر على تربيتهم وتعليمهم، قصد إعادة إدماجهم في المجتمع بشكل سلس، ويستعيدوا كرامتهم المفقودة.
مع الأسف مدينة تطوان لم تعرف على مر التاريخ سوى بعبقها الحضاري، ومعانيها الإنسانية النبيلة، وبأثرها الغني على كل المستويات، حتى صنّفت ببصمات أبنائها  البديعة، تراثا إنسانيا عالميا؛ ولم تعرف قط، حسب المؤرخين، باحتضان وتفريخ ظاهرة سيئة  وغير نظيفة.
فليتحمل كل طرف مسؤول مسؤوليته، عن تفريطه في القيام بما يلزمه القيام به اتجاه هؤلاء “الضحايا”؛ وليتحمل الجميع مسؤولية العواقب الملموسة والمجهولة، لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة، المدمرة للعباد والبلاد.
Exit mobile version