نور24
إن إسبانيا خلقت الأزمة مع المغرب وجعلت أوروبا تتحملها. تأكيد عبّر عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة،لقناة “أوربا 1″، وأن “إسبانيا لم تستشر مع أوروبا قبل اتخاذ قرارات تمس بمصالح المغرب، ولم تستشر أوروبا قبل خرق معايير +شينغن+ لقبول دخول شخص مطلوب من قبل القضاء الإسباني (إبراهيم غالي، زعيم البوليساريو) بطريقة احتيالية. لقد خلقت إسبانيا أزمة وتريد أن تتحملها أوروبا”.
وأبرز بوريطة إلى أنه “يتعين وضع الأزمة بين المغرب وإسبانيا في سياقها…سياق أزمة ثنائية بين المغرب وإسبانيا”، و”هي أزمة لا علاقة لها بأوروبا، أزمة خلقها قرار وطني لإسبانيا دون التشاور مع شركائها الأوروبيين”، مشددا على أن “هناك محاولة لتحريف مسار النقاش والتوجه نحو قضية الهجرة، في حين أن صلب الأزمة هو تصرُّفٌ من إسبانيا مسيء للمغرب ولشعبه ولمصالحه الاستراتيجية”.
وفي تطرُّقه لموضوع الهجرة، سلط الوزير الضوء على بعض الحقائق وببعض الوقائع ، قائلا أن “الحقيقة الأولى تتمثل في كون المغرب ليس مُلزماً ولا ملتزما وليس من واجبه حماية حدود غير حدوده. فالمغرب ليس دركيا ولا بوّاباً لأوروبا لحماية حدود ليست حدوده. والمغرب لا يقوم بذلك تنفيذا لأمر، ولا التزام”، مسجّلا في هذا الصدد أن المغرب قدّم الكثير في مجال التعاون المرتبط بالهجرة، ولم يكن ذلك إجباريا ولا بمقابل؛ قام بذلك انطلاقا من الشراكة. شراكة بين المغرب وإسبانيا، وشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، غير أن الشراكة ليست انتقائية، فهي تعني قبل كل شيء أننا ندرك جيدا المصالح الاستراتيجية للشركاء”.
ومضى يقول أن “المغرب لم يتحرك قط لتقديم خدمة مقابل اعتماد أو تعويض مالي؛ إن ما يحصل عليه المغرب في المتوسط من الاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 300 مليون أورو سنويا، أي أقل 20 في المائة من التكلفة التي تتحملها المملكة في محاربة الهجرة السرية”.
وبعدما جدد التأكيد على أن الأزمة مع إسبانيا “هي أولا وقبل كل شيء أزمة هجرة اندلعت من أزمة سياسية بين شريكين”، أبى بوريطة إلا أن يصحّح بعض المغالطات والاتهامات التي هدفت إلى إظهار المغرب بأنه الطرف “السيِّء” في هذه الأزمة في محاولة بئيسة لتشتيت الأنظار والانتباه عن المشكل الحقيقي.
في هذا السياق ، أوضح بوريطة أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، قام المغرب بتفكيك 8000 خلية لتهريب البشر. كما أجهض 14 ألف محاولة هجرة سرية منها 80 محاولة اقتحام لمدينة سبتة، وتبادل أكثر من 9000 معلومة عن الهجرة السرية مع إسبانيا. وحين قام المغرب بهذا ،فلأنه “ينهج سياسة حسن الجوار والشراكة..، لكن حسن الجوار ليس في اتجاه واحد. حُسن الجوار ليس مسؤولية المغرب، وحرية شركائه في معاكسة مصالحه”.
وعن اتهام المغرب باللجوء إلى استعمال مسألة الهجرة، في نزاعه مع إسبانيا على خلفية استقبالها لزعيم عصابات “البوليساريو”، من أجل “الابتزاز”، ردّ بوريطة قائلا: “هنا مرة أخرى، المشكلة مطروحة بشكل سيء: وكأن المغرب عليه التزام بالعمل من أجل حماية أوروبا. فالمغرب ليس ملزما. المغرب يقوم بذلك كشريك والشراكة لها أسس. الشراكة متبادلة، تقوم على فهْم مصالح بعضنا البعض.. ولا يمكنك أن تخطِّط ليلاً ضد شريكك، وأن تطلب منه في اليوم التالي أن يكون مخلصا”.
بالنسبة للوضع الحالي للعلاقات الدبلوماسية مع إسبانيا، أكد بوريطة أنه “خلافا لما صرحت به وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، لا يوجد اتصال بين المغرب وإسبانيا منذ اندلاع هذه الأزمة ؛وعلى عكس ما تقول، لم يتم إبلاغ المغرب قط بوصول هذا الشخص” (ابراهيم غالي)، موضحا في نفس الوقت أن “المغرب يطرح اليوم أسئلة واضحة: هل من الطبيعي في دولة القانون، في علاقة بشريك مثل المغرب، تزوير جواز سفر، وانتحال هوية لإدخال شخص ما إلى الأراضي الأوروبية؟ هل من الطبيعي أن يكون هذا الشخص متابَعا في إسبانيا بأربع تهم: تهمة اغتصاب مواطنة إسبانية، تهمة ذات صلة بالإرهاب من جمعية ضحايا الإرهاب الإسباني لجزر الكناري وتهمة تتعلق بالتعذيب …”.
ولفت بوريطة الانتباه إلى أن “المغرب يميز بين علاقاته الجيدة للغاية مع جميع دول الاتحاد الأوروبي تقريبا، والأزمة الثنائية التي نتجت عن موقف عدائي لإسبانيا”، متأسفا ل “محاولة تحوير مسار النقاش وخلق أزمة غير موجودة بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.
وخلص بوريطة إلى أنه “توجد في الوقت الراهن مشكلة ثقة واحترام متبادل مع الشريك المباشر في أزمة خلقتها إسبانيا نفسها، وعليها أن تجد حلا لها”؛ وإذا كانت “إسبانيا تعتقد أنه يمكن حل الأزمة عن طريق إخراج هذا الشخص (إبراهيم غالي) بنفس الإجراءات، فيعني ذلك أنها تبحث عن تسميم الأجواء، وعن تفاقم الأزمة أو حتى القطيعة”.