عبد اللطيف الجواهري ،والي بنك المغرب
لحسن معتصم
حينما نتمعّن في قول السيد والي بنك المغرب،عبد اللطيف الجواهري، نفهم منه أربع أشياء أساسية، تعطينا نظرة شاملة عن النخبة المغربية، خصوصا السياسية منها :
أولا : إن خطاب السيد الوالي، كواحد من حرّاس هذه الدولة، وحينما أقول حراسها، أقصد هنا أحد جنود البلد لضمان أمنه واستقراره المالي، فالرجل لا يتحدث إلا باستحضار الأرقام والمؤشرات ،فهو ابن بيئة الحقيقة، خطابه واقعٌ سمعه المغاربة مباشرة من مَلِكِهم الْهُمام الذي لم تعد لديه تلك النظرة التي كانت له على الأحزاب السياسية والمؤسسات الحزبية ، فخطابه التاريخي الأخير مُسجّل يمكن لأي سياسي أن يشاهده ويقرأه ويتبصره، لأن الحقيقة حقيقة كالشمس لا يمكن إخفاؤها.
ثانيا: إن السيد الجواهري، وإنْ قال كلاما قاسيا، فإن ذلك لن يكون أقسى من حقيقة أنّ من يصوِّتون اليوم، هم نسبة ضعيفة جدا لا تثق في الأحزاب السياسية وبرامجها وشعاراتها وخطاباتها، ودليلي ودليل السيد الوالي الولي، النتائج العامة للانتخابات، فالحزب الحاكم ،اليوم، لم يحصل سوى على مليون ونصف مليون صوت، أي أن هذا الحزب في عزِّ حملة التعاطف معه، لم يستطع كسْب ثقة المغاربة، فهم يشكّلون أزيد من 34 مليون مغربي، وليس مليون أو مليونين، فما بالك بأحزاب لا تحصل سوى على صُوَيْتات قليلة لا تغني ولا تسمن من جوع.
ثالثا: إن المغاربة يعرفون جيدا كيف اغتنى السياسيون بالبرامج السياسية، وكيف يستعمل الساسة العمل الحزبي لكسب الثروة، وخير مثال السياسي الثّري بمليارات دعم المحروقات وصفقات الغاز والأوكسيجين … كيف تريد هذه الأحزاب كسْب ثقة المغاربة وهم يقدمون نخبة تدافع عن مصالحها، وتسعى للربح، ولا يهمها برامج الدولة في شيء. من هنا ،فإن كلام السيد الجواهري واضح جدا، ولا مجال لتأويل نخبة سياسية فاسدة ، فالزعيم الحزبي الذي رد على الجواهري بردود بئيسة، ابنته مديرة في مؤسسة مالية كبيرة لم نسمع عن إنجازاتها قط ،ويَرُوج أنها في منصب دون مهام .
رابعا: إن جل السياسات العمومية الناجحة يعود الفضل فيها، بعد الله جلت قدرته، لعاهل البلاد، الذي يركب خيله وسيارته يتفقد اوضاع المواطنين من مدينة إلى أخرى، ومغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، ويمكن لإي عاقل أن يقارن حجم الإنجازات الملكية الضخمة التي أرسى أُسسها جلالته . لذلك فالمغاربة يثقون بملكهم؛ ودليلي أنهم حينما احتجوا خلال “الربيع العربي” خرج الملك ليُلَبِّي مطالبهم ويُقْدم على إصلاحات جعلت الهدوء يعمُّ البلد من جديد؛ المغاربة فقدوا الثقة في الأحزاب التي تقدّم وتزَكِّي مقاولين يستحوذون على الصفقات ، وأشخاص يقبعون طوال السنة بالعاصمة، تاركين جماعاتهم دون برامج تنموية واضحة.
أتذكر في هذا الصدد، خطابا لجلالة الملك دعا فيه المواطنينللتصويت على النخبة التي يمكنها ان تغير أوضاعها وليس أناسا موسميين .