بدرالدين الونسعيدي
تسيل الأحداث التي تشهدها الساحة الوطنية، مؤخرا، الكثير من الحبر، وتثير العديد من التساؤلات، كما تستدعي الانتباه وعدم الانسياق مع الأحداث المريبة.
مباشرة بعد تنصيب الحكومة الجديدة، برئاسة عزيز أخنوش، تعالت عدة أصوات ودعوات للاحتجاج وتفعيل المقاطعة و..و..، جراء إرتفاع الأسعار، وجدل حول قانونية جواز التلقيح. نعم هناك إرتفاع الأسعار، لكن حدة وسرعة هذا التهجم، وإصدار حُكم قياسي على فشل الحكومة، مع تأجيج جذوة الاحتجاج، يثير الشك في النوايا.
الثلاثي المشكِّل للحكومة
أكيد، هناك من يريد إضعاف وإفشال هذه الحكومة في مهدها (معارضو أخنوش وحكومته…) ؛ وهناك من يريد تصريف مخلّفات الحكومة السابقة على الحالية، للتنصل من المسؤولية، وإسقاط التراكمات الأليمة على الطرف الآخر؛ وهناك من ينتعش في إثارة البلبلة في المجتمع للتغطية على فشله، وادّعاء النضال، والنضال منهم بريء. لكن الخطير هو منح الفرصة لأعداء الوطن والمتربصين بالوحدة الترابية لاستغلال هذه الأحداث، واقتناص الفرص لتأجيج الاحتجاجات للنيل من الوطن.
المؤسف أن هناك من ينساق مع القافلة دون تريُّث وإعمال العقل ودراسة الحيثيات، وذلك راجع بالأساس لضعف التواصل الحكومي الذي يضفي الضبابية على الأحداث، ويساهم في إحداث التضارب في الآراء والمواقف، وحالة من الإرتباك، مما يفرض على الحكومة تقوية الجانب التواصلي للإجابة على تساؤلات المغاربة الكثيرة، والاستجابة لمطالبهم الملحة، وتعزيز الثقة بين المؤسسة الحكومية والمواطنين.
لِتحلَّى قليلا بالموضوعية، ونمنح الوقت الكافي للحكومة للاشتغال وترتيب بيتها الداخلي، وتحديد أولوياتها؛ ذلك أن إرث الحكومتين السابقتين ثقيل وثقيل جدا ،لأن 10 سنوات عجاف ليست بالأمر الهين؛ وبالتالي، فمن غير المنطقي أن نصدر الأحكام بالفشل وتبَخُّر الآمال المعقودة، في أيام معدودات على تنصيب الحكومة. لننتظر ونرى آنذاك إن تنصلت من التزاماتها الموعودة والمعهودة، وخذلت المواطن، وسنكون من المنددين والمنتقدين لها، ولن نصمت، لأننا من المساهمين في تنزيل توصيات” 100 يوم 100 مدينة”، “الحسيمة مثالا”، والتي كانت بمثابة خريطة طريق برنامجها الانتخابي الذي يتمحور في الإنصات للمواطن. إن الأمل مازال قائما ومعقودا على هذه الحكومة، للتخفيف، ولو بنسبة معينة، من الآثار السلبية للحكومتين السابقتين؛ عِلْماً أن اللحظة تستدعي رصّ الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية ،لمواجهة جميع التحديات المستقبلية، الخارجية والداخلية.