عبد الإله شفيشو
مقدمة: إرتباطا بالمقال السابق عن موسم الهجرة من القرية للمدينة يتأكد على أن كل الثورات التنموية الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية الهادفة في العالم ابتدأت من الإنسان و إلى الإنسان انتهت، وها هي الدولة المغربية تطلق مشروع النموذج التنموي الجديد فهل يمكن للمواطن المغربي بشكل عام و الشاوني بشكل خاص (المتهم حتى تثبت براءته، اليائس، الغارق في مشكلات يومية تافهة،…الأمر الذي نتج عنه انتشار ظاهرة الإنتحار في وسطه أو الهجرة للمدينة كبديل التي طفت على السطح مؤخرا) أن يساهم في تنمية وطنه/جهته/إقليمه/ منطقته؟.
إن النموذج التنموي الجديد أمام معضلة لا تقل خطورة عن باقي المعضلات الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و تعد محكا حقيقيا لمصداقية الشعارات المرفوعة و لجدية الخطاب الرسمي فيما يتعلق بالتطهير و التخليق و لمدى تجاوبه مع الإلحاح الأوروبي على وقف تسرب القنب الهندي و مشتقاته إلى ترابه، كما أن الهيئات السياسية بدورها معنية بهذه الآفة القاتلة لأن غض الطرف عنها مؤشر قوي على العجز بالنسبة للبعض و تواطؤ للبعض الأخر هذا الأخير الذي يضم في صفوفه أباطرة المخدرات بالمكشوف و بفضلهم نمى رصيده المالي و البرلماني .
” التواطؤ والصمت وتشجيع زراعة نبتة الكيف “: تحت هذا العنوان كان قد كشف تقرير لجمعية حقوقية بتورط الأوقاف والسلطة والمنتخبين في زراعة الكيف عقب زيارة ميدانية قامت بها إلى بعض المناطق المزروعة بالكيف بإقليم شفشاون حيث أورد التقرير أنه تم الوقوف على قطعة ارضية وهي مزروعة بالكيف على مساحة 4 هكتارات بعدما تم الاعتداء على الملك الغابوي وأكد التقرير أن بعض السكان الذين تمت ملاقاتهم يؤكدون أن أصاحب الأرض المذكورة يحرثون قطعا عديدة يتطلب الوصول إليها أياما وقطع أخرى يبلغ مجموعها 14 قطعة بمساحة إجمالية تقدر بـ23 هكتار كلها مزروعة بالكيف أمام أنظار السلطات المحلية والدرك الملكي، وكشف التقرير أن صاحب الأراضي المزروعة بالكيف مستشار جماعي ويحمل صفة فقيه كمهنة يستغلها في الترشيح للانتخابات ليصبح من أكبر أباطرة المخدرات بالمنطقة هذا وأن أغلب القطع الأرضية المزروعة بالكيف أنجز بشأنها بيوعات عرفية لأبنائه بما فيهم القاصرين تحسبا لأي مخاطر قضائية.
واسترسل التقرير في الكشف عن أن أعضاء الجمعية الحقوقية في منطقة أخرى وقوفوا على وجود عدة قطع أرضية مزروعة بالكيف مساحتها تفوق 7 هكتارات تعود ملكيتها لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حيث أوردوا أن الأراضي مترام عليها من طرف من يحرثها دون أن تحرك الجهات المالكة ساكنا وزادوا أن مسؤولي الأوقاف لم يسبق لهم أن اتخذوا أي إجراء في مواجهة المترامي كما أنه لا توجد عقود كراء أو ما شابه ، وبعد الاستفسار في الأمر هناك من فسّر الأمر بأنهم يتفادون مثل هذه العقود حتى لا يتورط الشخص الذي يحرث الكيف و أن هناك عقود كراء في اسم أشخاص غريبين عن المنطقة ولا يتحوزون للأرض وهي الأساليب التي يلجأ إليها للتمويه والتحايل على كل حملة محتملة من أجل إلصاق التهمة بأصحاب العقود.
إذا كان هذا هو حال الماضي المستمر في الحاضر فماذا عن المستقبل في ظل النموذج التنموي الجديد؟، فإذا كانت الدولة اليوم مشددة على أن تقنين لهذه الزراعة لأهداف تنموية سيمكن من إخراج المنطقة من الإستغلال الإقتصادي والسياسي والقهر والإقصاء فإن التحديات المطروحة اليوم كذلك كثيرة و في مقدمتها المعالجة السلمية و البحث الجدي عن أنجع السبل لنزع الجنسية الشاونية عن الكيف و الحد من انتشاره و توسع استهلاكه و ذلك في إطار مشاريع و أوراش تنموية كبرى و واقعية تتماشى و خصائص الإقليم ( مناخ ، تضاريس …) والتي يتوخى منها النهوض بالأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية لوقف نزيف الهجرة أولا ثم بعد ذلك إرساء بدائل فعلية من شأنها رفع الحيف عن المنطقة المهمشة و المحذوفة من أجندة القيمين على الشأن بعيدا عن الحملات الفلكلورية كحملة 1996 و ما سمي بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
عبد الإله شفيشو / فاس