هناك مؤشرات كثيرة في المشهد الرياضي الوطني على مستوى كرة القدم، تدل دلالة قاطعة على أن المغاربة باستطاعتهم صناعة التاريخ وإنجاز المستحيل، ففي مونديال قطر2022،مثلا، ظهر بالملموس المنتخب المغربي رقم صعب حين تُتاح أمامه فرص التألق والعطاء؛رقمٌ صعب لمّا يُتاح لمدرب النخبة بالاشتغال بحرية؛ رقم صعب لمّا يجد اللاّعبون مدرِّبا متفهِّما ومُقدِّرا لإمكانيات كل لاعب على حدة، فيوظفه على رقعة الملعب وفق إمكانياته، وداخل المباراة في توقيت يناسبه،؛ رقم صعب لما يكون قلب الجمهور على قلب اللاّعبين والمدرب، يهتفون بشعارات متجانسة متناغمة متناسقة.
إن الكرة المغربية على وجه الخصوص، والرياضة عموما لا يمكن الاستهانة بفائدتها، ولو استحضرنا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يهتم به المواطنون في كل وقت، إذ أن التَّفوُّق في الرياضة يمكن اعتباره مرآة عاكسة لإمكانية النجاح والتألق في مجالات أخرى أكثر ملامسة لحياة المواطنين، الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
مهما أدركنا أن الأولوية لمجالات أخرى، فإذا نجحنا في الرياضة، بواسطة أطر تحب الوطن، ومتشبعة بروح الوطنية، ومتسلحة بالعلم والخبرة ،مع الروح القتالية التي بدورها لها مفعول كبير في إخراج القوى الكامنة في عمق الإنسان، يتحقق العجب ولو في وجه أعْتَى وأقْوى الفرق العالمية.
أن ننجح في الكرة معناه أن نجاحنا مضمون في ميادين مختلفة إن أخلصنا وتسلحنا بنفس ما تسلحنا به في مجال الكرة المستديرة، طاقما ولاعبين وجمهورا. سننتصر وسننتقل للدور الموالي، ولِمَ لا ننتقل للدور الذي يليه ما دمنا متسلحين بالخبرة والإتقان والإرادة، بقيادة أبناء الوطن، من مدرب وإداريين ولاعبين؟ ولِمَ لا نتأهل للنهائي؟ ولِمَ لا نفوز بكأس العالم؟ ماذا ينقصنا مقارنة مع غيرنا من بني البشر ؟ إن انتصاراتنا في المجال الرياضي،خاصة في المجال الكروي، دليل ساطع على أن باستطاعتنا الفوز في كل مجالات الحياة إن استحضرنا ما يجب استحضاره من أسباب وقواعد ودوافع ومحفزات وإمكانيات، هذا مع أننا لم نناقش مسألة مهمة تتمثّل في ربط المسؤولية بالمحاسبة…
لقد أبانت التجربة أنه بالاعتماد على الناخب الوطني، والإطار الوطني، والخبير الوطني، والمهندس الوطني .. إنما نؤسس لنهضة حقيقية كفيلة بجعلنا ندّاً أمام قوى عظمى لها وزنها على المستوى العالمي..
سنفوز على الفريق الذي سننازله غدا ،وسنتأهل، ثم سنفوز وسنواصل الفوز، إلى أن تصبح لغة الفوز، وثقافة الفوز، سارية على أيدينا وعلى ألسننا، لأننا أصلا من سلالة المتفوقين منذ أمد بعيد... إنْ أعْدَدنا وتسلَّحنا وبادرنا.