بمناسبة انتهاء فعاليات الدورة22 لكأس العالم للساحرة المستديرة التي كانت آية في التنظيم، كلّف دولة قطر الشقيقة -مشكورة على حسن كرم الضيافة لأبناء المملكة منتخبا وشعبا- 220 مليار في زمن أَسقَطَت فيه القروض عن المواطنين وارتفعت رواتب الموظفين، تنظيم مزَج بين الأصالة والمعاصرة والتقدم، مع الدقة في التخطيط والتنفيذ، ممْهور بنجاح غير مسبوق، جدير بالتأمل واستيعاب الدروس، انتقل العرس الكروي فيه من بطولة رياضية إلى حدث إنساني عظيم، ومهرجان بشري ضخم، أبلى فيه سفراء منتخب العرب “أسود الأطلس” البلاء الحسن، وسُجّلت أسماؤهم في قائمة الكبار لتخطِّيهم أعتى المدارس الكروية،وكشْفهم عن العديد من المشاعر والأوجه الجميلة للعبة، رغم انتكاسة التحكيم الغريبة والمريبة بارتكابه أخطاء موَجَّهة وانتقائية، ليصل إلى المربع الذهبي في الترتيب، والأول في قلوب الجماهير، ويخرج بظلم تحكيمي بيّن أمام فرنسا حاملة اللقب، خروجا لم يكن أبدا إخفاقا، بل كان أعظم انتصار للأمة وأبلغ فوز لها، فلئن خذلكم سوء النية المُبيَّت، فيكفيكم كرما أنكم لم تخذلوا 40 مليون مغربي،و430 مليون عربي وأمازيغي، ومليار و300 مليون أفريقي، وملياري مسلم تقريبا، والعبرة بمنطوق الحكم، ويكفينا دخرا أن نتقاسم وإياكم الانتماء لهدا الوطن ولهذه الأمة.
وباعتقاد راسخ بأن نجاح المغرب في رياضة الشطرنج الأخضر، ليس سوى صورة مصححة الإمضاء لمجتمع ناجح انفتح على العالم بكبرياء وثقة، وأن النتائج الباهرة التي حققها المنتخب المغربي بشهادة العالم في مونديال قطر، أو تلك التي حققها منتخب القاعة في بطولة العالم، أو ما أنجزه المنتخب النسوي في نهائيات كأس أفريقيا، ليست وليدة الصدفة أو ضربة حظ عابرة، بل ثمار عناية وتوجيهات ملكية سامية لا تُخطئ فراستها، وسياسات عمومية مُحكمة التخطيط ومحدَّدة الأهداف لا تزيغ عن السبيل، وتدريب وإصرار تجاوز حدة الإلحاح فيه كل المعيقات، مما أعاد اللحمة الوطنية والإجماع والتشبث بالقيم المغربية الضاربة في عمق التاريخ؛ هذا الإنجاز الفريد الذي يجب أن يتخطى جغرافية الملاعب إلى مجال السياسات العمومية والحكومات والبرلمان والجماعات الترابية والمؤسسات الدستورية، لكي تنجز بدورها نجاحات قياسية في ميادين العلم والثقافة والسياسة والفن والابتكار.
جدير بالذكر تسجيل حضور المجلس الوطني للموثقين وجميع المجالس الجهوية أصالة عنهما ونيابة عن كل موثقي المملكة، في حركات وسكنات هذه اللحظة التاريخية الفريدة بكل تفاصيلها وبشغف كبير، منذ أن أشرقت البداية كمنتخب مغربي ليتألق كمنتخب عربي، وقد نال محبة جميع الشعوب العربية وتعاطفها، ومتابعة أداء نجومه الذي تجاوز سقف التوقعات،في رحلة الفخر والإلهام والبحث عن المعجزات،تقديرا لروحهم القتالية وأدائهم المبهر، في أروع ملتقى تنافسي عبر التاريخ، كحدث التقطته عيون الإعلام العالمي بأدق تفاصيله، وصاحَبه ثناء منقطع النظير على أسود الأطلس، من شخصيات عالمية مشهود بخبرتها، وفي سابقة من نوعها، فرح به الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء.
وقد تابع مُوثِّقو المملكة -بثقة بالغة- المسارالمتألق لمنتخب العرب الذي تخطّى حدود المستحيل بدولة قطر،رفقة أمهات يخطفن الأضواء، وشهدوا تمكّنه عن جدارة واستحقاق في أول وأبهى تألق من نوعه لكرة القدم المغربية والأفريقية والعربية، فكان إنجازه خير هدية لجمهور متعطش لانتصارات كسّرت جنون العظمة، وغيّرت النظرة النمطية الغربية تجاه الشرق التي أسستها مدارس الاستشراق، وجسّدت البعد الثقافي والتاريخي لمملكة عظيمة، يمتد تاريخها إلى أكثر من اثنيْ عَشَرَ قرنا،حيث لا يسعنا إلا مباركة هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق، معربين ،وكافة الشعب المغربي، عن شكرنا وعميق اعتزازنا وفخرنا، بما أبدعتموه خلال العرس الكروي العالمي، من أداء رائع وانضباط متميز، يعكس الاحترافية العالية، والغيرة الوطنية الصادقة والقيم الإنسانية الراقية، ويجسد روح التحدي والإصرار لإعلاء لواء كرة القدم المغربية على الصعيد العالمي، مؤازرين بحماس جياش وأهازيج واحتفالية مفعمة بمشاعر الحب والعشق لراية الوطن.
ويتجدد شكر موثقي المملكة للنخبة المغربية، لاعبين ومدربا، وطاقما تقنيا وطبّيا، ومسيّري وأطر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم،بقدر ما أسعدتم الشعب المغربي، ومختلف الجماهير الشقيقة والصديقة، العربية منها والأفريقية،ملهمين بفضل الله بمزيد التوفيق والسداد، وقد عززتم شعور الانتماء للذات والوطن والأمة، وكنتم خير سفير، وأمهر صانع لأبهر إنجاز قُوبِل بكل المحبة والفخر والإعجاب، بقدر ما شهدنا رسميا وشهد العالم بعُلُوِ كعبكم، وصلابة عزيمتكم النابعة من قوة إيمانكم وحبكم لوطنكم،وتشبثكم بشعاركم الخالد “الله، الوطن، الملك”.
(+) نائب أول لرئيس المجلس الجهوي لموثقي مكناس.