نور24 ـ عبدالإله الوزاني التهامي ـ تصوير التواتي
يعتبر تسليط الأضواء الكاشفة لمكامن الخلل والتقصير على معالم معمارية تاريخية عتيقة بوزان، حاملة لبصمات الأجيال التي شيدتها، من أوجب الواجبات، لأهمية ذلك في تحقيق التنمية المشهودة من جهة، وللحفاظ على روابط الحقب والأجيال ضد عوامل الاندثار من جهة أخرى، هذه المعالم الآن عرضة لدمار شامل حوّلها لأطلال متآكلة وأخرى أصبحت في خبر كان..
هذه الجرائم المقتَرَفة في حق إرث تاريخي، والتي تحدث على مرأى ومسمع من جمعيات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة المعنية، إما سهوا أو إهمالا أو لاعتبارات أخرى، لا تقبل التبرير. ومهما تعددت المبررات، تبقى أحقية هذا المعمار المادي والرمزي في الإصلاح والترميم وإعادة الاعتبار وضرورية الاستحضار، أمرا لا مفر منه، لأنه جزء لا يتجزء من ذاكرة المدينة، وأساس من أساسات إشعاعها العلمي والثقافي والعمراني على مدى تاريخها الحافل.
هذا التراث الذي هو ثمرة إبداع مجتمع عاش ردحا من الزمن، وتوارثته الأجيال بأمانة، يعكس ذكاء ونمط تفكير البناة الذين شيدوه وعامة الناس المجايلين لهم. لذلك، فإن هذا التراث تجسيد مادي لثقافة تاريخية سادت المجتمع؛ فكيف يمكن التفريط في هذا التراث، وهو المحدِّد لمقوِّمات الهوية الحضارية للأمة، محليا ووطنيا؟ وكيف يمكن تجاهله، وهو مرآة عاكسة لماض لا يزال ممتدا في الحاضر، وعابرا نحو المستقبل دون توقف.؟
ألا نرى كيف تتخذ كثير من الدول اليقظة من بقايا إرثها التاريخي موردا إقتصاديا كبيرا، يُدر الأموال الطائلة على مدار العام، وينعش الدورة المالية، ويساهم في امتصاص البطالة، لِما له من أهمية بالغة متعددة الاتجاهات؟
إن الإرث المعماري لمدينة وزان، يعكس التصور العام للمرتكزات التي انبنت عليها حضارة وفلسفة عيش المغاربة في مرحلة تشييده ؛ ومن هذا المعمار ما يدلنا على نقط اتفاق وتجانس حضارات سادت في القرون الماضية، إنه متحف بشري إثنوغرافي يقدّم لنا صورا حية لحياة شعب عاش مبدعا في كل شيء.
من هنا، على السلطات المعنية، محليا ووطنيا ، القيام بالواجب اتجاه معالم وزان ،ترميما وإصلاحا وتجديدا، قبل أن تأتي عوامل الدمار الشامل على ما تبقّى من أخضر ويابس؛ كما أن المعالم الأثرية لوزان تستوجب الاهتمام الكامل، ولِمَ لا دمجها في البرامج والأوراش الوطنية، والاعتراف بها كموروث إنساني.