عبدالإله الوزاني التهامي
ازداد المعلم أشندير عام 1936م بقبيلة بني بوزرة، من أسرة أندلسية عريقة استقرت بالساحل الغماري، من ضمن أفواج ضحايا الملكة الإسبانية العنصرية بعد إسقاط دولة الأندلس العظيمة.
من المعلوم أنه تم تهجير المسلمين من الأندلس على مراحل على يد الملكة “إيزابيلا”. ففي عام 1492 تقريبا، سقطت الأندلس بسقوط غرناطة، وفى عام 1504 بدأت سلطات إيزابيلا فى إجبار المسلمين على ترك دينهم وتخييرهم بين التخلي عن عقيدتهم أو التهجير نحو السواحل المغربية.
وعندما استقر “آل أشندير” بغمارة، حظوا بمكانة خاصة لدى الغماريين لما حملوه معهم من ثقافة التمدن والرقي، حيث خصص لهم السكان مجال الاستقرار في المواقع التي يختارونها، فاختار أفراد منها منطقة سُمِّيت فيما بعد باسم العائلة “أشنديرن” ببني بوزرة، وتفرّع عن هذه النقطة أغلب من يحملون إسم أشندير بتراب أقاليم الشمال وفي الداخل أيضا.
تميز المرحوم السي عبدالسلام أشندير، كما حدثنا أحد مجايليه، بأنه “معقول ودغري ومكيعجبوش التجمعات بزاف”، في إشارة إلى أنه رجل يعرف حدوده وحدود غيره، وغير مكثرت بمجالس الثرثرة وإضاعة الوقت.
مارس في بداية حياته المهنية حرفة الحدادة التقليدية، ثم الصيد البحري كهواية فقط، مثله مثل باقي ساكنة الساحل المجاورة للبحر، ثم تعاطى حرفة البناء حتى برع في فنها. ويعتبر المرحوم من البنائين الأوائل الذين قاموا ببناء قرية اسطيحات الحديثة، إلى جانب الشريف الوزاني (أبو عبدالمجيد)، حيث أنها بقيت مهجورة، لمدة عقود طويلة، منذ أن تم تخريبها بالكامل من طرف جنرال إسباني كان يُطلق عليها اسم “تيكيساس” الذي خربها بالتزامن مع تخريبه لمدينة “تمودة”؛ وشاءت الأقدار أن تكون للمرحوم أشندير لمسة أساسية في إعادة إعمار هذه المدينة التي باتت تعرف ب”اسطيحات”؛ وإسم اسطيحات الحديث أُطلق على النقطة الترابية التي تحد بين “عيون -مروج- سيدي البوزيدي” وحومة “البام”؛ وسميت بذلك لوضع مساحاتها المسطح الخالي من التلال أو الهضاب أو المنحدرات، وما عداها فكلها تيكيساس من حجرة “المصابغة” صعودا إلى غاية “خندق الرومان” ومنعرج جامع “أحمار”؛ ومن المهتمين بتاريخ المنطقة من يطلق اسم تيكيساس على كافة تراب المراكز الثلاث: (مركز اسطيحات،مركز بواحمد ومركز اشماعلة)، رغم حداثة إسم اشماعلة نسبيا، وعليه فإن تيكيساس هي “ديلطا/مثلث” بواحمد واسطيحات واشماعلة، وما بين هذه النقط من مداشر وقرى ودواوير.
التحق السي عبد السلام أشندير بالرفيق الأعلى، في شهر نونبر 2021 ، ودفن بمقبرة “إفركان” المعروفة بمقبرة الشهداء، بقيادة بواحمد جماعة بني بوزرة إقليم شفشاون.
ترك المرحوم السي عبدالسلام أثرا طيبا وسمعة حسنة بين الناس، لما اتَّصف به من نبل الأخلاق وجميل الشيم، وعلى نفس المنهاج سار أبناؤه وأحفاده.