بقلم.. عبد السلام الشاعر
في قلب مدينة أصيلة، المدينة التي لطالما ارتبط اسمها بالفن والثقافة والسلام، يشهد شارع الدوحة، أحد أهم الشوارع الحيوية، مشهداً يومياً مؤسفاً يتمثل في تراكم الأزبال بشكل عشوائي وملفت، ليُحوِّل رصيفه إلى لوحة من الإهمال، تتنافى كلياً مع هوية المدينة الراقية.
في وضح النهار، وعلى مرأى من السكان والزوار، تتكدس النفايات بشكل غير لائق، مما يعكس خللاً واضحاً في سلوك بعض المواطنين، وتراجعاً مقلقاً في الحس البيئي والمواطنة. وتزداد خطورة هذه الظاهرة في غياب المراقبة الفعلية والتأطير المستمر، مما يُكرّس السلوك الخاطئ ويجعل من الفضاءات العامة مرتعاً للفوضى والتلوث.
تأثير هذه المشاهد لا يقتصر فقط على تشويه المنظر العام، بل يتجاوز ذلك ليطال الصحة العمومية، إذ تُصبح الروائح الكريهة والحشرات جزءاً من يوميات السكان، خاصة في فصل الصيف، حيث تتضاعف نسب التخمُّر والتلوث، ويُصبح الجو خانقاً وغير صحي.
وما يثير القلق أكثر أن هذه المشاهد باتت “مألوفة” إلى درجة الاعتياد، وكأن المدينة فقدت مناعتها ضد هذا النوع من التدهور البيئي، في ظل غياب أي حملات تحسيسية مستدامة أو حلول مبتكرة لتحفيز السكان على الالتزام بالنظافة.
أصيلة، كمدينة ذات إشعاع ثقافي وسياحي، لا تستحق أن يُطمس وجهها الحضاري بهذا الشكل. والحفاظ على بيئتها لا يجب أن يُختزل في المناسبات أو مواسم التجميل المؤقت، بل هو مسار يومي يتطلب وعياً جماعياً وإرادة سياسية حقيقية.
إن ما يحدث في شارع الدوحة اليوم، هو جرس إنذار لما قد تعيشه أحياء أخرى إذا استمر هذا الاستهتار، وآن الأوان لنتعامل مع النظافة كقضية مصيرية لا كخدمة هامشية. فببساطة، لا مدينة جميلة بلا شوارع نظيفة.