بمجرد ما أثيرت فضيحة الرميد، وزير الدولة وزير حقوق الإنسان،بشأن عدم التصريح بكاتبته لدى مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، طفت على السطح فضيحة محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، لاتقل فضحا أو فظاعة عن زميله في الحكومة وفي المهنة وأخيه في الحزب،الرميد.
سي أمكراز هو أيضا محام؛ له مكتب بمدينة أكادير؛ وهو أيضا ـ كما تحدث عن ذلك وسائل إعلام ـ لم يصرّح بالأجراء الذين يعملون في مكتبه للضمان الاجتماعي الذي يرأس مجلسه الإداري، بصفته وزيرا للشغل.
ما هذا؟ هل هذا مسلسل تلفزيوني أم شريط سينمائي، أم قصة من قصص الخيال..؟؟؟ لا يتعلق الأمر لا بمسلسل، ولا بشريط، ولا بقصة خيال..بل بمسلسل وشريط وقصة من تأليف وإعداد وتنسيق الوزيران المسؤولان:الرميد وأمكراز..لكن الإخراج من طرف الواقع الذي يعلُو ولا يُعْلَى عليه. الواقع الذي ،وحده، يُدحض المزاعم والادِّعاءات ، والنظريات الكاذبة والأحاجي المملة عن حقوق الشغِيلِين والأجراء والخادمات والمعوقين ،والمعطوبين، والمشردين، والتائهين، والمعتوهين.. والمظلومين الذين ليس لهم أيّ ملجأ أو حامٍ ـ حتى لا نقول محامٍ ـ غير …الله..
على من تكذبون ؟ على الله الذي وجب العدل بين عباده ؟ على الوطن الذي أعطاكم كل شيء ..؟ على الملك الذي أقسمتم بين يديه،بأغلظ الأيمان، من أجل خدمة الوطن والمواطن ..؟ على المواطن الذي يثق فيكم ..ليخيب ظنه فيكم؟
الواقع المرير هو الذي يكشف ما يجري في الخفاء ..الواقع الذي يريد البعض أن يقفز عليه أو يتجاوزه بإضفاء وفرض أمر واقع يقوم على الاستغفال، والاستحمار، والاحتقار ، والاستبلاد ، والانتهاز ،والابتزاز، والضحك على الذقون،وعلى المستضعفين في الأرض..وكأنّ الذين يرتكبون هذه المخالفات والتجاوزات والتعسفات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ولا جاء بها الدستور ونصّت عليها القوانين الوطنية والدولية ..يعتبرون أنفسهم أذكياء فوق الأذكياء ، ولا يوجد، أو لم يُولَد بعد هذا الذي يقدر على فضح فضائحهم ،ووقْف تجاوزاتهم. لكنهم لا يعلمون أن الفضيحة تخرج من قلب الدار ياذاك الغافل… من دون أن تضرب لها أيّ حساب .. وأكثر من هذا فوق كل ذي عِلْمٍ عليم.
وزيران ،محاميان،مسؤولان .. ينتميان لحزب يتفَوّه ب”العدالة” و”التنمية”، لدرجة أن الناس وثقوا ب”العدالة”و”التنمية”، ليستفيقوا من بعد ويخرجوا من كهفهم وهم يتساءلون: أين هي العدالة وأين هي التنمية ياهؤلاء الذين أقسموا بين يدي الملك ، وعلى مرأى ومسمع من المواطنين، بأن يكونوا في خدمة الوطن والمواطن،ليتَّضِح من بعد أنهم “يخدمون” الوطن والمواطن بالطريقة التي يريدون ويفضِّلُون ؛ و”كل واحد تيضرب على راسُو”.. والدليل ـ الفضيحة هو استغلال، وأيّ استغلال ، لأبسط الواجبات التي تتمثل في التصريح بالأُجراء ..من طرف مَن يحفظون، عن ظَهْر قلب، الحديث الذي يقول :” عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعطُوا الأجير أجْره قبل أن يجفّ عرقه”، وفي رواية: “حقّه” بدل “أجره”. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني”.
أُجراؤكم، أيها المسؤولون أمام الله والوطن والملك ،لم يبْقَ لهم عرَق ليجِفَّ ، لأنكم قمتم بامتصاص كل العرق..حتى أصابهم الضعف والوَهَن..والمذلّة..والخيبة. لم يبق سوى العظم ..عرقهم جفّ ويبس من فرط الاستغلال : استغلال ظروفهم وضعفهم وحاجتهم.. لستم وحدكم ..هناك نماذج وأشباه في جميع القطاعات والمؤسسات والمجالات..لدرجة أن البقر تشابَهَ علينا..
الأدهى، بل الْمُضحك الْمُبكي في آنٍ واحد هو تكذيب كل هذا من طرف الوزيرين، المحاميَيْن ، المدافعَيْن عن حقوق الإنسان ـ ليس “فابُور” ـ من خلال شهادتين مُصادَق عليهما : الأُولى من طرف والد كاتبة الرميد الذي يحمّل فيها مسؤولية عدم التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لابنته وفلذة كبده ..؛ والثانية من طرف محامي وزير الشغل أمكراز الذي ينفي،جملة وتفصيلا، عدم وجود أي أجير بمكتب موكله (أمكراز) غير مسجّل بالضمان الاجنماعي، مع أن الصحافة ذكرت، بالأسماء، بعض المشتغلين في مكتب محاماة الوزير أمكراز، ولم يتم التصريح بهما لصندوق الضمان الاجتماعي..!!
اللاّفت للانتباه أن الشهادتين معاً جاءتا في يوم واحد (ياللمصادفة العجيبة!!!!)؛ وتحملان نفس التاريخ(20 يونيو 2020) ، عِلما أن شهادة والد كاتبة الوزير الرميد تمت في الدار البيضاء ، وشهادة محامي الوزير أمكراز بأكادير…تمت في يوم عطلة إدارية!!!
مَن يصدِّق مَن ؟ وماذا بعد هذا؟؟
لقد سبقكم في هذا، وأكثر من هذا، مَن كانوا أشدّ قهرا وقسرا وبأساً، ومضَوْا إلى حال سبيلهم خائبين، خاسرين، منكسرين، منهزمين، منكوبين ..خرجوا من أضيق الأبواب، بعد طُول صوَلان وجولان، بدون جاه ولاسلطان، لا يلوُون على شيء مما اكتسبوا وكسبوا..