آسية إعلوشن
فيما مضى،كان يُطلق مصطلح “سَند”، حصراً،على الإخوة. فالأخ هو السند، وهو العضد؛ لذلك قال تعالى :”سنشُدُّ عَضُدك بأخيك”..
إن الأخ بطبيعته مختلف عن الأب، و هو ليس كالصديق ..الأخ سند يمكن الاستناد عليه وقت الصعاب. لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الأمر ممكنا في وقتنا هذا؟؟!
إن واقعنا الذي نعيش فيه مختلف تمامًا عمّا سبق ذكره. ذلك أن المعطيات الاقتصادية والاجتماعية، حالت دون صمود الثوابت الأخلاقية و الروابط والأواصر الأسرية، التي كانت تُعد، سابقًا، من المسلّمات و البديهيات .
يؤسفني القول أن السند الأول و الأخير، الذي يمكن للواحد منا أن يعوِّل عليه، هو “جيبه”، هو ثمرة عمله؛ لأنك يوم تخار قواك، و تتدهور صحتك، يومًا، بعد يوم ستتفاجأ بإخوتك يتصلون بك متأخرين جدا، ليعتذروا عن تأخُّرهم في الإطمئنان عليك..سيقولون لك: “لقد شغَلَتْنا أموالنا و أهلُونا فاغفر لنا تقصيرنا”، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم..
لذلك، إن كنت تملك عملا فلا تفرّط به..ازحف إليه زحفًا، وإيّاك ثم إياك التخلي عنه.. لأننا في زمن صار تغيير الأشخاص فيه، يتم بسرعة تفوق سرعة تبديل الثياب. مهما كنتَ مقرَّبًا جدًا من أحدهم، سيتم التخلي عنك بدم بارد، بين عشية و ضحاها..
سند…..
أنت سند نفسك، وليس لك بعد الله سند في فوضى هذا العالم الْمُثقل بالأنانية والفردانية..
ستكتشف في اللحظات الحرجة أن قلبك كان مجرد مدينة ملاهي؛ مجرد صالة انتظار كانوا يستريحون فيها ليبدأوا رحلتهم القادمة، أو ربما اعتبروك مِصحَّة لإعادة تأهيل أنفسهم…
لا تترك عملك..مهْما حدث، قد يصدعون رأسك بالفتاوى..سيقولون إن السيدة ليس عليها العمل، فهي تحت كفالة أبيها و إخوتها.. كل ذلك محض هراء..
بمجرد أن تسقط أرضًا، ستنهال عليك الدعوات …متمنيين لك الشفاء ..دعوات تليها دعوات..ولا روح للأخوة..
عجبًا، كيف صرنا غرباء إلى هذا الحد؟! كيف غلّفت قلوبنا بكل هذا الصَّدء؟!