ثقافية
مائدة مستديرة:”معاناة النساء في الحروب وهواجس الحماية الإنسانية”

منصة المائدة المستديرة
خديجة قرشي
نظمت اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني مائدة مستديرة ،يوم الجمعة 29 نونبر2019، بالمكتبة الوطنية بالرباط ، حول موضوع: “معاناة النساء في الحروب وهواجس الحماية الإنسانية”، قراءات متقاطعة لرواية: “الحياة من دوني” للكاتبة المغربية عائشة البصري بمشاركة كل من فريدة الخمليشي، رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني ،والروائي عبد القادر الشاوي، والأستاذ شريف عتلم، القاضي والخبير الإقليمي في القانون الدولي الإنساني ،والأستاذة سليمة فراجي، المحامية بهيئة المحامين بوجدة،والروائية عائشة البصري التي فازت روايتها موضوع المائدة المستديرة بجائزة أفضل رواية عربية لسنة 2018 بمعرض الشارقة، إلى جانب مجموعة من الفعاليات من بينها السيدة عزيزة يحضيه عمر ،رئيسة رابطة كاتبات المغرب ، والشاعرة وأمينة مال الرابطة ،علية البوعناني.

جانب من المشاركين في اللقاء
في إطار نشر ثقافة القانون الدولي الإنساني وترسيخ القيم الإنسانية، وكذا التحسيس بالآلام النفسية والجسدية التي تعاني منها المرأة بسبب الحروب والنزاعات المسلحة، حيث تتعرض النساء للاختطاف والاغتصاب والسبي والإكراه على الحمل والبيع والشراء، يأتي تنظيم هذه التظاهرة الثقافية، احتفالا بالذكرى السبعين لاعتماد اتفاقيات جنيف الأربع سنة 1949:
– الأولى: تحسين حالة الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان؛
– الثانية: تحسين حالة جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار؛
– الثالثة: معاملة أسرى الحرب؛
– الرابعة: حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
وتلقي اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني الضوء كذلك على قواعد القانون الدولي الإنساني الأساسية والاتفاقيات الدولية المتعلقة به التي صادقت عليها بلادنا والتشريعات الوطنية ذات الصلة به.
وتأتي رواية “الحياة من دوني” للكاتبة عائشة البصري، نموذجا صارخا لمعاناة النساء في الحروب (الحرب الصينية اليابانية بشكل خاص) جراء تعرضهن للاغتصاب والذل والمهانة، قتلن وطمرت جثثهن. “… ماذا يعرف المؤرخون عن تلك الحروب الموازية؟ هل أحصوا بدقة قتيلات تلك الحروب، قتيلات طمرت جثثهن كموتى لا ينتمون لأحد؟ هل يعرفون كم امرأة اغتصبت، وكم امرأة قتلت على أسرّة مجهولة؟ وكم امرأة جُنّت أو انتحرت من الذل؟ هل يعرف العالم أن ما مورس من تعذيب في الأسرة يفوق ما مورس في المعتقلات السرية؟” (ص23).
في قراءته “الحياة من دوني أو عن مفهوم الاستباحة”، سافر الناقد عبد القادر الشاوي بالمستمع والمتتبع إلى عوالم الرواية الخفية، وانتقل به من الدار البيضاء إلى الصين ثم الفيتنام ليعود إلى الرباط ثم الدار البيضاء، حيث عمل على تفكيك خيوط الرواية بشكل مدهش، وتابع تطور شخوصها في الزمن الروائي وتتبعَ سارداتها، بداية من الساردة الأولى المهتمة بالمقابر والتاريخ والتحف إلى ساردة أخرى من نانجينغ هي “جين مي” الصينية، إلى “قوتشتين” أخت “جين مي”.
في “الحياة من دوني” ،حكي يلامس الوجدان ويفضح المسكوت عنه. فقد تحدثت الكاتبة عن مدى الدمار الذي لحق جسد المرأة، ومعاناة “أناس بسطاء لم يحملوا سلاحا ولم يشاركوا في حرب” لكن الجميع سكت عنهم وتجاهلهم.
هي حكاية ترجّ الساكن، صادمة وهي تعري ما خلفته جرائم الحرب من آلام وجروح غائرة لا تندمل على مر السنين. “…كل ما أرومه من حكايتي هنا، هو الحديث عن حروبي الداخلية التي أججتها حرب عالمية كبرى، وأن تعرف النساء ما حدث لبنات جنسهن حتى لا يتكرر، وأن يعرف الناس قسوة الحرب، لعل معرفتهم بأهوال الحرب تجعلهم يتشبثون بالسلام”. (ص26).
وعن ندوب الحروب، تحكي الكاتبة “لم أكن، أنا وزوجي في حاجة لردم الهوة بيننا، أو نخفي عن بعضنا بعضا كمَّ الحزن الدفين في أعيننا. كنت روحا مكشوفة أمامه وكان صمته جدارا شفافا لخيبات لم يستسغها، كمحارب بُترت يده في المعركة، لكنه ظل مع ذلك يعتقد أنها مازالت عالقة بجسده. فقط يلزمها تثبيت ما”. (ص168).
الرواية حبلى بالصور القاسية التي تشهد على فضاعة الحروب والأفعال المشينة التي تتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية وتؤرخ لفترة زمنية تغاضى عنها المؤلفون والمؤرخون وتجاهلتها وسائل الإعلام، لكنها، في نفس الوقت ممتعة وتغري القارئ بسبر أغوارها.