أيها الحوار..
إسماعيل هموني
كن طريق العشب كي يعبر الماء بين الظلال؛ مازلت أنشد طريق الغياب؛ و أدنو من كل ارتياب بحثا عني و عنها في أصداف مختلفة . أثناء كل عبور كنت أمد يدي إليها غير آبه لعواصف الحلم . كانت تعلم أني كالطائر المهاجر حين أحط على قلبها، سأغادر بعد هطول المطر . لأني أريدها أن تغتسل من لسعة الغياب بالغياب و المطر معا . غير أنها كانت على يقين أن أوبتي إليها غير قابلة للغمغمات أو الرحيل .
كنت أعلم قلبي المشي على نبض مثنى؛ وكنت أراني أقرب إلى التائب الآيب من كل سفر بعيد. لن يرتاح إلا في دفء عينيها . وهي تنهشني بعيونها الفتاكة كانت تعلم أني طفل يقظ وفطن. فلم تكن تسعى إلى تكبيلي إلا بسكرة في دالية وقتها. تعرض على الطفل جواهر روحها ليسكن على حال من أحوالها .
في كل صباح كنت أعشق مغايرتي ؛ فأمدد جسمي الصغير على مقربة من سمائها فيبدو لي أنها ترعاني على جغرافية عمرها . كنت مكانها البعيد لا مقامها الأبدي . كلما قلبت خرائطية قلبي ظلت اللغة تقودني إلى مسراها حيث أكون كلماتها ومعناها . في ما كانت هي تنتظم حضورها في أيامي بنبوءة غامرة لا ترى في طريقها سواي . كنت المألوف و الغريب معا .
كنا معا نرفض الموت بعيدين . كنا نتعدد في حضورنا ؛ ونتلاقى في أحلامنا دامت لنا الحياة بلورية الشكل . فيها التباين يمشي بيننا سريعا؛ و التعايش يقضى وطره غير مكترث .
تعلمنا أن الحياة لا تكون إلا بالحق في الاختلاف . وأن المضي في قطف رياحين العشق هو ترقيمنا الجديد للطريق . عندها كان اللسان رديف مسيرنا إلى البقاء.
البقاء لا يكون إلا في سلام .. ويقين خالص حد الماء الرقراق.