ثقافيةقضايا وحوادث

كورونا.. الجسيم الصغير الذي أربك العالم!

منال بن صالح
جُسَيْم  صغير أرعب العالم، لم نظن أن مستوى الفتك سيصل للآلاف؛ ظنناه “سارس الثاني” أو إنفلونزا الخنازير، لكن الأمر تحوّل لتاريخ الأنفلونزا الإسبانية التي فتكت بالملايين. حلم مرعب وواقع مر.. أرعبنا الوباء ، لكن لم يصل صداه  وتداعياته لبلادنا .قلنا إنها موجة وسترحل.
الأول من مارس، أستيقظ على خبر تداولته وسائل الإعلام الوطنية : المغرب يسجل أول حالة. هرع المغاربة للمستشفى لاكتشاف أول حالة ؛ فِعْل أثار موجة انتقاد سخرية من الفيروس الفتاك . مرت الأيام ونحن على عتبة الخمسة آلاف حالة؛ حتى منظمة الصحة العالمية حارت في المعطيات وطريقة انتقال العدوى لترتجل في البلاغات . لقد  أصبحت الحياة رتيبة؛ لم نعد نفرق بين الليل والنهار ؛أصبحت حياتنا الروتينية أحب إلينا من حجر منزلي . اشتقت لكوب قهوة والمارة يمرون..”كورونا” أربكت حسابات الدول ،فما بالكم بحياتي .
   
‎كطفلة صغيرة تبحث عن معاني المفردات بتلك البراءة الفطرية المعهودة ، لم أكن أعلم أن زائرتنا الملعونة ستغير  لي كل المفاهيم التي يحتويها قاموسي اللغوي الرث  الذي كان يطلع علي أصلا بتعابير ظريفة توصلني الى  المعنى السلس للأشياء.
‎لم أكن أعلم ان هذه النزيلة الغادرة ستسرق كل المشاهد المألوفة في شوارعنا و أزقتنا  وكل فضاءاتنا الرائعة.
لم أكن أعلم بأن فيروسا صغيرا سيحرمنا من حلاوة شهر رمضان الفضيل كما هو معتاد.
‎ لم كن أعلم بأن غير المرئي يمكن أن يتربع على كرسي المروءة فينطح كل الرؤوس اليانعة التي توَجِّه العالم و تتحكم فيه.
‎جائحة بكل هذه القسوة التي لا تُبقي و لا تذر، و لا ترحم الصغير و لا الكبير،  تحوم بيننا دون شفقة و لا رحمة؛ ودون اكتراث بلحية جدي البيضاء، و لا بعكاز جدتي.
‎سأذكر “كورونا” ،وإنْ طال عمري، بكل الحروف الغليظة؛ و سأنحث فعلها اللعين في مذكرتي السوداء بكل الشؤم المطلوب.. وسأبني فكرا جديدا يعلمني ان لا شيء يستهان في هذا الكون مهما صغر.
‎سأجدد تفكيري عن رجال وطني؛ و سأشاكس كل من  يزور مقامهم. و سيزيد و يزيد ويزيد إيماني بأن ربي هو القاهر فوق عباده، و أن لا ملجأ لنا منه و من كل النوائب إلا إليه عز وجل.
أخيرا ،نسأل الله أن يحفظ هذا البلد وطنا وملكا وشعبا؛ وأن يرفع عنا هذا البلاء في الشهر المبارك . رمضان كريم.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button