أبو هاشم الوزاني
_ الزاوية الوزانية التأسيس و الانتشار :
أسس مولاي علي الكبير بن مولاي التهامي زاوية آل وزان بغمارة ، غداة وفاة أبيه المتوفى عام 1127 – 1715 م و تولي مولاي الطيب مشيخة الزاوية الوزانية بوزان ، إذ رحل بعد وفاة أبيه مولاي التهامي بعامين نحو غمارة مصحوبا بأعيان القبيلة الذين كانوا قد أخذوا العهد من أبيه بأن يسلمهم إياه للتعلم علي يديه أصول الطريقة و التبرك به ، فنزل عام 1717 رفقة مرافقيه بجبل أمطراس القريب من أقدم مسجد في المغرب الموجود بالشرافات .
ثم التف حوله خلق كثير من المحبين الذين أتوا من كل فج عميق من بلاد غمارة و المناطق المجاورة لها ، مستجيبين لدعوته إلى الله المبنية على الكتاب والسنة ومحاربة البدعة، فعمل على نشر الفكر الصوفي الصافي المتنور في جميع مناطق غمارة بواسطة مريديه الذين أحبوه وأخلصوا في الاقتداء به و النهل من منهله ، و فكر في الرحيل عن ّ”أمطراس” مخلفا فيها بعض أبنائه مارا بمرتفعات الجبهة و نواحيها في اتجاه ساحل غمارة ، ثم استقر ب”تاغصا” ، الحاضرة الصغيرة الشهيرة التي تطل على البحر مباشرة ، و لم يلبث فيها إلا قليلا ، ثم غادرها تاركا فيها ضريحا لابنه سيدي أحمد الخليل الذي وافته المنية بها و هو صغير حيث دفن بداره، متوجها نحو تيكيساس البحرية أيضا ، فأعجب بتلة سميت بعد استقراره بها ب”بواحمد” حيث لم يعرف لها من قبل إسما سوى “تيكيساس” .
و استقر ببواحمد استقراره النهائي بأرض غمارة ، و بنى بها و بالمنطقة حضارة صوفية انتشر صيتها و تأثيرها في كل الربوع الغمارية ، فزارته بها أخته “للا الهاشمية” الشهيرة ، التي وافتها المنية عام 1151 ه التي كانت على خطى أبيها مولاي التهامي ومنهجها في التصوف شبيه بمنهج “رابعة العدوية” صاحبة مذهب العشق الإلهي.
و هنا في هذه البلدة التي سميت ب”بوأحمد” تيمنا بولد المؤسس “أحمد” توافدت عليه الجموع الغفيرة من الأهالي أكثر من أي مكان مضى ، فأسس بها -ببواحمد- زاويته الرئيسية و مسجدا جامعا وحضارة سادت لقرون من الزمن.
و من ضمن ما تميزت به زاوية مولاي علي الكبير تربيتها للمريدين وتحفيظها للقرآن الكريم ، و قيامها بالصلح بين المتخاصمين و استقبالها للأعيان ولعامة الناس و إكرامها لحملة كتاب الله و إيوائها للمحتاجين و المحرومين و اللآجئين الفارين من بطش أعدائهم ، فكانت ملاذا آمنا لكل من قصدها و استعاذ من خصومه و الظروف القاسية بعد الله بها وشهدت غمارة ذروة قوتها وتماسكها وفيوضات خيراتها.
كما تأسست بالزاوية كتائب جهادية إبان الثورة الجهادية الريفية ، انضوت تحت لواء المجاهد محمد بن عبدالكريم الخطابي ، حيث ترأس بعض أشرافها كتائب تولت مهمة الدفاع عن الأحواز و صد هجومات الجيوش الإسبانية الغادرة بتنسيق مع زاوية سيدي احميدو الوزاني بالريف .
و على سيرة الجد المؤسس مولاي علي الكبير بن مولاي التهامي بقي الأبناء والأحفاد ، فمنهم من هاجر إلى مدن و قرى شتى ، و منهم من استقر ببواحمد مرابطا فيها حاميا لها محافظا على إرث الأجداد إلى يومنا هذا ، رغم ما طرأ من تغير في أحوال العباد و البلاد .
…يتبع .