بيئة وعلومقضايا وحوادثوطنية
فعاليات الدورة 15 للملتقى العالمي للتصوف تناقش دور البُعد الروحي والأخلاقي في الحكامة الناجعة

نور24
انطلقت فعاليات الدورة الخامسة عشر من الملتقى العالمي للتصوف، الذي تعقده الطريقة القادرية البودشيشية ، بشراكة مع مؤسسة الملتقى والمركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في إطار الاحتفالات بالمولد النبوي، تحت شعار “التصوف وتدبير الأزمات: دور البُعد الأخلاقي والروحي في الحكامة الناجعة”.
لهذه المناسبة، تناول الكلمة مدير الملتقى، الدكتور منير القادري بودشيش، الذي هنأ الأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف، ورحب بالعلماء المشاركين في هذه الدورة، مبينا التوجهات والإطار العام لنسخة هذه السنة.
وسلّط الدكتور أحمد عبادي، رئيس الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، الضوء على قوله تعالى “هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما، تحيتهم يوم يلقونه سلام، وأعدّ لهم أجرا كريما، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منير، وبشر المومنين بأن لهم من الله فضلا كبير” (الآيات 43، 44، 45، 46، و47 من سورة الأحزاب)،مبينا أن هذه الآيات توضح خريطة طريق المؤمن الى رب العالمين، واستنتج منها أربعة عناصر، هي وضوح القبلة، فالله تعالى هو الغاية والمقصد من كل نية وفعل، موضحا أن معرفة الله تعالى تستوجبالنهل من معين العارف بالله الوارث المحمدي، والعنصر الثاني يضيف العبادي يتمثل في الفوز الكبير والأجر الكريم الذي ينتظر المؤمنين، أما العنصر الثالث فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو السراج الذي لا يحتاج الى أن يوقد ، الذي يسير الورثة، العلماء العارفون المؤتمنون على نهجه، إذ هم الوحدة القياسية لتقويم السلوك، والعنصر الرابع هو البشارة الموعودة للمؤمنين في الدنيا والاخرة، وختم مداخلته بالتأكيد على أن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون باتباع سنته ومقابلة الإساءة بالحسنى.
ودعا الدكتور إبراهيم سلامة، مستشار وسفير لدى منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى تدبُّر السيرة النبوية، من أجل مواجهة الأزمات الراهنة، منبها الى وجود حكمة ربانية في هذه الجائحة، مستشهدا بقوله تعالى “ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك”، وأضاف أن الصوفي يكون في بحث مستمر عن الحكمة، مبينا أن الصدام بين حرية التعبير وحرية العقيدة، يرجع إلى الجهل واتباع الهوى، قائلا أن البعد الروحي يمكنه أن يغني الجانب الحقوقي بإضافات كثيرة، وحث على التركيز على الشباب والمدرسين وعلماء الدين لنشر القيم الروحية السمحة لديننا الحنيف.
من جهته، بيّن الشيخ الدكتور سليم علوان الحسيني، مفتي أستراليا، في مداخلته أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إظهار للشكر لله تعالى، مؤكدا رفضه واستنكاره لنشر الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بين رفضه للممارسات الإرهابية التي ترتكب زورا باسم الإسلام، موضحا أن الرد ينبغي أن لا يكون بمقابلة الإساءة بالإساءة وعدم تأجيج المشاعر التي تولد العنف الممقوت، داعيا الى التحلي بالحكمة والرد بالفكر والصبر، وتخريج حفظة لكتاب الله ودعاة للسنة النبوية، فهذا هو طريق الصالحين السابقين، يضيف الحسيني، كالجنيد وعبد القادر الجيلاني، وعبد السلام بن مشيش وغيرهم.
وتطرقت الدكتورة صفية فرانسيا من المكسيك، وهي أستاذة جامعية باحثة في التصوف،إلى دور للتصوف عامة وما تقوم به الطريقة القادرية البودشيشية، خاصة في نشر قيم المحبة والتعاون والسلام بين جميع البشر، مؤكدة أن العالم الآن في حاجة إلى مثل هذه القيم لتجاوز الأزمات المعاصرة.
في نفس السياق، تحدث الكاتب والدبلوماسي عبد الله بوسمر، من بلجيكا، عن دور التربية الروحية في تحقيق الاستقرار والطمأنينة الداخلية للإنسان، مما يؤهله لمواجهة الأزمات، مشيرا إلى أن التصوف يحث على خلق علاقة محبة مع الخالق ، وتربية النفوس على قيم الرحمة والصبر، مؤكدا أهمية صحبة الشيخ المربي ودوره في تزكية النفس.
ونبّه المفكر الفيتنامي “طاو شان”، رئيس هيئة التفكير بالأمم المتحدة، إلى وجود جائحة أخرى الى جانب جائحة كوفيد 19، هي الجائحة المعنوية، التي تفشت بسبب الشعور بالقلق والهلع، بسبب فقدان التفكير الإنساني لبوصلته بفعل انتشار الكثير من الأخبار والمعلومات الزائفة، وأشار إلى وجود أربعة انواع من العين، وهي عين الانسان العادية، ثم العين العلمية الموجودة لدى الباحثين الذين يوظفون التقنيات البصرية كالمجهر، والعين الثالثة هي عين البصيرة التي توجد عند الذاكرين الله كثيرا، والعين الرابعة هي عين الأولياء والعارفين والحكماء الذين يبصرون بنور الله، مبرزا أن هذا الملتقى يعد فرصة لتبادل الخبرات من أجل التصدي للأزمات.
كما أكدت الدكتورة “أسماء بيكيني”، باحثة في التصوف، أن تجاوز الأزمات الراهنة يحتاج منا الى فكر متفائل ونظرة كونية، مبينة أن القيم الصوفية قادرة على رفع التحديات التي تواجه الإنسانية، وأضافت أن التصوف يمتلك الحلول لما يسمى صراع الحضارات.
أما الوزير المالي السابق، ابراهيما توري ، فأبرز دور البعد الروحي في التصدي للأزمات الإجتماعية والسياسية، وضرب مثلا بواقع بلده مالي، موضحا أن جائحة كورونا تبين لنا أن مصيرنا مشترك، وأن التضامن هو السبيل للخروج من هذه الازمة.
وكان الدكتور صلاح الدين المستاوي من تونس، آخر المتدخلين، باسم جامعة الزيتونة، وأبرز في كلمته أهمية البعد الروحي في تثبيت المسلم أمام الأزمات.