لماذا لم يطرق الباب؟!
ذ.نبيلة علوشا/إسبانيا
من اشد الاشياء ايلاما ان تستيقظ يوما على خبر وفاة ولكن المحزن اكثر هو كيفية موت ذلك الشخص .هذه المرة اسيقظت المدينة الاسبانية التي اقطنها على خبر وفاة احد جيراني لكن موته كان ماساويا لما خلف من اثر بليغ في نفوس الساكنة .يجعلني اطرح سؤالا جوهريا الى اين نمضي في تعاملنا مع ذواتنا ؟؟وهل الوحدة والغربة والعزلة عن الناس اختيار شخصي ؟؟ام ان اسبابها نفسية او ،بيئية او تربوية او هاجسية ؟؟ام هو تقصير من جانبنا نحن ؟؟
*****
لا احد من قاطني حينا ينسى ذلك اليوم من ايام الشتاء القاسية الباردة ومع قسوتها كنا نخرج للتسوق والعمل ولكن خلال مدة لم نلحظ خروج جارنا (نينو) وتهامس اهل الحي عن سبب ذلك فقالوا ربما انه سافر لابنيه خارج المدينة لانه يعيش وحيدا لسنوات بعد وفاة زوجته .
تهامسنا مرة اخرى بعد مضي اسبوع فهي ليست عادته ان يسافر لابنائه واردنا ان نطرق بابه لكنه ليس من حقنا قانونيا ان نعرف تفاصيله او نتبع عورات الناس ….اخبرنا الشرطة بعد 10 ايام فكانت الكارثة جثة هامدة مرمية في وسط البيت لم تشم نثانة منه لبرودة الطقس الشديدة .
هذه حالة واحدة اسوقها لكم ولكنها ليست بالتاكيد حالة يتيمة فهناك الاف ممن رفضوا طرق الباب رغم انها لحظة حسم نهائي: الصراع بين الموت والحياة، بين الوداع والبقاء .لماذا لم يطرق الباب ؟؟ربما كانت حالته تستدعي ان ندركه باسعاف ويتحسن !!!
حالات كثيرة مثلها لم تطرق الباب لان خلف تلك الباب قلوب مجروحة وارواح منكسرة ونفوس محطمة ودمعات واهات بل علاقات مع ابناء انتهت وعلاقات مع عالم العزلة والوحدة بدات ،هل نحن كابناء اسانا اليهم ؟؟ام ان اختيار الوحدة هو اختيار شخصي ؟؟و كيف نسمح لوالدينا باختيار مثل هذا دون ترقب ومراقبة شديدين !!!
وحتى لا اطيل الاستطراد عن اسباب ذلك سواء كانت نفسية او بيئية او …فاننا كابناء لا نسمح لانفسنا ان نجعل كبار السن يصطادون السمك خارج فطرته فهم باختيارهم ذلك وقبولنا له وتهربنا من المسؤؤلية نزيد من مرضهم النفسي الى جانب مرضهم العضوي واننا يوما ما سنصبح مثلهم عجزة ضعفاء ويكون لنا نفس احساسهم وحساسيتهم وانهم يتاثرون باي كلمة منا او مشاكلنا او خصام بيننا .
قد يحتاج الانسان احيانا لعزلة جزئية ليتنفس، ليعبر عن نفسه، ليبكي ليتخذ قرار صعبا في حياته ولكنها ليست عزلة كاملة ولا نسمح بها لانها تكون كارثية .
اهتموا بكبار السن فالبركة والخير فيهم وانا اقولها دائما انا ضد احساس كبار السن بالعزلة والوحدة لان احساسهم نابع من ايمانهم اننا بالفعل مقصرون.
الى كل من استوعب قصة (نينو ) لا تنس امك او اباك او جارك او صديقك اجبروا كسرهم وضعفهم بمواقف عملية او بكلمة طيبة او ببسمة صادقة فليس العطاء دائما بالمنح بل يكون بالمنع وكتمان الغضب والصبر وكف اللسان عن ماهو انبل من العطاء …لا تنس ان الراحمون يرحمهم الله .
دمتم سالمين .