
عبدالإله الوزاني التهامي
تعتبر الصحافة من أهم وأخطر المجالات، لِما لها من أدوار أساسية لصيقة بالإنسان في كل شؤون حياته، وتحديدا في تشكيل الرأي العام ،وفي الضغط على المسؤولين ليقوموا بالواجب المنوط بهم اتجاه الوطن والمواطنين.
سُمِّيت أو لُقِّبت الصحافة بألقاب مختلفة، منها: “السلطة الرابعة” ،”مهنة المتاعب” و”صاحبة الجلالة “و…
وُصفت بالسلطة الرابعة وفق التقسيم التراتبي، أو الترتيب المشهور للسلط؛ فهناك السلطة التشريعية (البرلمان)، و السلطة القضائية (القضاء)، ثم السلطة التنفيذية، أي الحكومة.
سُميت بالسلطة الرابعة، أي أن رتبتها بين السلط هي الرابعة نظرا لأهميتها القصوى. فهي سلطة من الناس وإلى الناس ومن أجل الناس، وكل تلك السلط خادمة للناس الذين يُكَوّنون كيان الدولة. ولُقِّبت بصاحبة الجلالة، لجلال قدْرها وخطورة مهامها.

صحافة ورقية
الصحافة هي التي تفتح أعين الناس؛ وهي التي تضع أصبع الحاكمين على مكامن الخلل؛ وهي التي تشير مباشرة لمواقع ،ودلائل الفساد والاختلالات والخروقات. وقد عرفت الصحافة تطورا ملحوظا على مستوى الوسائل والأدوات؛ ففي عصر من العصور، كان الإنسان يكتب على جذوع النخل والشجر ،وينقش على الحجر كلمات وعبارات، يعبر بها عن رغباته، أو يطالب فيها بحق، أو يبشر فيها بشيء جديد. ثم بدأ الإنسان يكتب على ورق الشجر ،وعلى جلود الحيوانات، وتطوَّر أكثر لمّا اكتشف الورق في شكله القديم، فبدأ يخط المخطوطات الطوال بخط اليد؛ وعلى إثر ذلك، تم اختراع آلة الطباعة الحجرية.

لم يتوقف التطور المذهل على مستوى آليات ووسائل النشر، بل تعدى ذلك، مما كان له التأثير الكبير على جودة المنشورات والمطبوعات وسرعة انتشارها. فكل وسائل الإعلام لها التأثير القوي على المجتمع ابتداءً من الصحف الورقية، التي ظلت مهيمنة على الساحة الثقافية والعلمية والسياسية لقرون من الزمن، إلى أن عرف عالم التكنولوجيا التطور المذهل الذي لا زال الجيل الحديث يعيش تطوره غير المتوقف.
في المجمل ، للصحافة أهمية قصوى على عدة مستويات في حياة الناس، فهي التي تنوِّر الرأي العام وتُشكِّله؛ وهي التي تساهم بوزن كبير في صناعة النخب الحاكمة والمدبِّرة؛ وهي التي ترعب وتخيف المسؤولين، وتضطرهم للتعجيل بالإصلاحات والتغييرات الضرورية الاستعجالية.. وغيرها.
لا يمكن لأي مجتمع ما أن ينكر دور الصحافة أو ينقص من شأنه. وقد اعتبر البعض منزلة الصحافة في صلب كل القطاعات والمجالات؛ فهي موجودة، ضمنيا، داخل السلطة التشريعية، وداخل السلطة القضائية، وكذلك السلطة التنفيذية، أي أن سلطتها الرقابية التتبعية تضفي عليها هيبة كبيرة تجعلها في صلب كل السلط.
بناء على هذا ،يصحُّ أن نعتبرها سلطة داخل كل تلك السلط، وبالتالي فهي سلطة بلا رقم، سلطة توجد، ضمنيا، في صلب السلطة الأولى والثانية والثالثة.
إنها الصحافة.. “صاحبة الجلالة”، “السلطة الرابعة” ،”مهنة المتاعب”، المهنة الرسالية المنوط بها، باستحقاق، تشكيل الرأي العام وصناعة النخب.