الأهرام: قرار المغرب تعليق التعاون مع إسبانيا ستكون تكلفته غالية جدا على اسبانيا والاتحاد الأوروبي
نور24
قالت صحيفة “الأهرام” المصرية أن إسبانيا سمحت، في ازدواجية فاضحة وخرق سافر للاتفاقيات الدولية ولمعايير تأشيرة شينغن الأوروبية، بدخول زعيم “جبهة البوليساريو”، المدعو إبراهيم غالين لأراضيها بهوية مزورة وبشكل سري، رغم أنه مطلوب من قبل القضاء الإسباني بتهم جرائم حرب.
جاء ذلك في مقال رأي تحت عنوان: “الأزمة الاسبانبة المغربية وأفق الحل”،اوضحت فيه أنه بعد كشف الموضوع إعلاميا، ادّعت إسبانيا أن تصرفها كان لأسباب إنسانية، للعلاج من تداعيات كوفيد-19، مما يضرب في مصداقية خطابها السائد بخصوص حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية مع المغرب، مضيفة أنه على الرغم من الاتفاقيات التي تجمع مدريد والرباط على المستوى الأمني، فإن الاستخبارات الإسبانية لم تعلم نظيرتها المغربية بهذا الاستقبال. وأضافت كاتبة المقال: “ربما أخطأت مدريد التقدير عندما اعتقدت أن سماحها بدخول زعيم “البوليساري”و لأراضيها، يمكن أن يمر دون ضجة إعلامية، ودون أن يؤجج أزمة دبلوماسية مع الرباط، بدأت باستدعاء المغرب لسفيرته لدى مدريد، ويمكن أن تصل إلى تجميد العلاقات بين البلدين”، مذَكِّرة أن المغرب وإسبانيا تجمعهما اتفاقيات لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، حيث قدم المغرب بالفعل في هذا السياق الكثير من التعاون، بشكل طوعي ودون مقابل يذكر، لافتة إلى أن “ما يحصل عليه المغرب في المتوسط من الاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 300 مليون أورو سنويا، أي أقل من 20 بالمائة من التكلفة التي تتحملها المملكة في محاربة الهجرة السرية”.
في نفس السياق ، أشار المقال إلى أن المغرب دافع دائما عن علاقات حسن الجوار وراعى المصالح الاستراتيجية لشركائه، سواء اسبانيا أو دول الاتحاد الأوروبي ككل، وقام على مدى السنوات الأربع الماضية، بتفكيك 8000 خلية لتهريب البشر، وأجهض 14 ألف محاولة هجرة سرية منها 80 محاولة اقتحام لمدينة سبتة المحتلة، وتبادل أكثر من 9000 معلومة عن الهجرة السرية مع إسبانيا، مضيفا أنه “مع قرار المغرب تعليق التعاون في مجال الهجرة والامن، ستكون التكلفة الأمنية والاجتماعية مكلفة جدا ليس فقط على اسبانيا، ولكن أيضا على الاتحاد الأوروبي بالكامل، كما سيكون لتجميد العلاقات بين البلدين-ان حدثت- تكلفة اقتصادية عالية على الجانب الاسباني”؛ ولاحظ المقال أن المغرب يعتبر من ناحية الوجهة الثامنة للصادرات الإسبانية، والثانية خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، وتوفر هذه الصادرات آلافا من فرص الشغل للإسبان، كون 76 بالمائة منها عبارة عن منتجات ذات قيمة مضافة عالية بتوقعات نمو عالية، كما يعتبر من ناحية أخرى، بوابة أوروبا نحو افريقيا، باعتباره ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا جنوب الصحراء والأول في النصف الشمالي منها.
وبرأي كاتبة المقال، فإنه “يصعب التكهن بما ستنتهي إليه هذه الأزمة غير المسبوقة بين المغرب واسبانيا، فالحكومة الاسبانية وضعت نفسها في ورطة كبيرة عندما فتحت حدودها ومنحت حمايتها لشخص مُتابع قضائيا، ضاربة بكل الاتفاقيات الدولية وبشراكتها مع المغرب عرض الحائط، وهي لا تعرف كيف يمكن أن تخرج من هذه الازمة التي يتوقع ان يكون ثمنها السياسي غاليا داخليا”، وفي الوقت نفسه،”يبدو المغرب حاسما في موقفه المبني على القطع مع العلاقات التي تكون من طرف واحد، بينما تكون للطرف الآخر مواقف مزدوجة او يعتمد على منطق المساومة والابتزاز، وهو حريص أيضا على بناء علاقات مع اسبانيا يكون فيها شريكا حقيقيا في إطار علاقة متكافئة”.
وانتهى المقال بتأكيد أن “الكرة في ملعب إسبانيا، وهي مطالَبة بتقديم توضيح للرأي العام الإسباني والمغربي، ويمكنها تصحيح الخطأ الذي سقطت فيه إذا سمحت للقضاء الإسباني بمباشرة الإجراءات القانونية اللازمة في حق غالي، وعلى رأسها إصدار قرار بمنعه من السفر. واذا كانت تهتم بشراكتها مع المغرب، فعليها الانخراط في سياسة قائمة على الوضوح والشفافية وأصول حسن الجوار”.