جهاتصحةمجتمعية

عيادة بنفَس جديد..

آسية إعلوشن
كل شيء هنا يبعث على الاسترخاء. كل شيء هنا جميل بشكل محير يدعو إلى الكثير من التمحيص و الاستقراء. فقبل دقائق من دخولي المكان، كنت أموت ألما. لم أنم لخمسة أيام متتالية .لم تكن حبات القرنفل تجدي نفعًا ..لا فصّ الثوم خفّف من وطأة الوجع، و لا أقراص الأسبرين نجحت في جعلي أنعم بالراحة و لو لبضع ثوان.. فماذا حدث الآن ؟
 أنا بداخل غرفة مستطيلة الشكل،سقفها أبيض يتوسطه مستطيل باللون الأزرق السماوي المرمد. هذا السقف محاط بمصابيح صغيرة ينبعث منها نور خافت يريح ناظريك ..أرضية من نوع “Gerflex ” على شكل ألواح متراصة،جعل  عليها سجاد صغير باللون الأزرق المخضر عليه طاولة زجاجية صغيرة دائرية الشكل ، في تناغم تام مع اللوحتين المعلقتين على الجدار و كل مكونات الغرفة..إحدى عشر مقعدًا جلديًا وضعت جنبًا الى جنبًا ، مشكلة حرف U اللاتيني، متراصة هي أخرى بالتناوب ،بحسب الألوان على الشكل التالي: مقعد بالأزرق الفاتح المرمد يليه آخر باللون الرمادي الفاتح.. و لا ننسى جدار المرايا و النباتات الجميلة التي أضفت على المكان لمسة سحرية و رونقًا خاصًا..
أما وحدة الاستقبال فتلك قصة أخرى! واجهة خشبية  يتوسطها ضرس أبيض كبير بخلفية خضراء فاتحة اللون  تمثل شعار العيادة، على جنبيها رفّان صغيران تزينهما مزهريتان بيضاء اللون..
الأخضر لون  الهدوء و السلام، ما يجعلك في وئام تام مع حروب الأضراس و أوجاعها..
مرحبا بك في عيادة الدكتور يونس السهلي بتطوان؛ طبيب و جراح أسنان.       
إنه الجمال ينسف كل مفاهيم الألم و يحثنا على التساؤل من جديد حول ماهيته: ما هو الألم ؟ أ هو مجرد شعور وهمي أم نتاج لعمليات فيزيولوجية حقيقية تحدث بداخل أجسادنا؟ و هل تؤثر الألوان و مظاهر الجمال على شتى أطيافها بشعورنا بالألم ؟ هل يمكن للألوان الزاهية أن تكون بديلًا لمسكنات الألم ؟
رن هاتفي و اضطررت لمغادرة العيادة على أمل العودة بعد ساعات. و لكنني فوجئت أنها ستغلق أبوابها تمام الواحدة بعد الزوال..خرجت مسرعة لقضاء مآربي و ما إن ركبت “الباص” و جلست بأحد مقاعده حتى عاد الألم من جديد!
 ختامًا أقول : إن الناس ثلاث أنواع؛ أما النوع الأول فهو المتألم الذي يشكو من الوجع،  والثاني ملائكي يزيح عنا الألم و يخلِّصنا من براثينه. و يظل النوع الأخير الأسوأ على الإطلاق: إنهم صانعُو “الألم” و سارقُو “الأمل”.. و ما أكثرهم.
تحيةٌ طيبة لكل روح طيبة تسهر على راحة المتألمين، و تبعث نفَسًا جديدًا بقلوب المتأملين. تحية لكل طبيب ارتشف من روح الملائكة قبسًا، فكان رحمة على كل سقيم! إنهم ملائكة الله  فوق أرضه.
تحية خاصةً للدكتور يونس السهلي الذي رحب بنا خير ترحيب على الرغم من أن الوقت لم يسعفنا للقائه شخصيا.
و إليه ننقل أطيب تحيات طاقم نور 24.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button