
بدرالدين الونسعيدي
الكل يتحدث عن محمد المكي، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع؛ هذا الشاب البسيط، الذي ينحدر من قرية وسط جبال إقليم تنغير، ظهر في فيديو مع سائحتين فرنسيتين، يتحدث بعفوية وبشاشة رغم قساوة الطبيعة والحياة..
لخَّص محمد المكي في لحظات، وفي مشهد مؤثر ومعبِّر يجسد لمجموعة من القيم الإنسانية: الكرم والخير التي هي من شيم سكان المغرب العميق، رغم الظروف المعيشية الصعبة، من فقر وقلّة اليد..

محمد المكّي
اليوم، التاريخ يذكِّرنا بتلك الخصال الإنسانية النبيلة، والإسلامية والوطنية الراسخة، التي لا زالت حية في أعماق مجتمعنا القروي..محمد المكي ذلك الإنسان البسيط المجَسِّد للقناعة والخير وبرّ الوالدين وحب الوطن.. هذه القيم نلمسها بكثرة لدى سكان القرى ، وتقلُّ في المجتمعات المتحضرة. كم من فقير غني بالبركة والقناعة والرضا بقدره، سلاحه الإيمان والصبر .
محمد المكي.. بهذه العفوية والواقعة المفاجئة التي سيكون لها وقع إيجابي على السياحة الوطنية، وهي رسالة تصحح ذلك الماضي الأليم لواقعة جبل شمهروش،
هذا الفيديو سيبقى بمثابة إشهار مجاني عالمي للترويج السياحي، حيث سيشاهده الملايين ، وسيتوافدون على المغرب، مستقبلا، بحثا عن محمد وأمثاله وهم كُثّر، يسكنون الجبال والفيافي بعيدا عن ضجيج وصخب المدن؛ لهم حياتهم الخاصة الجديرة بالاستكشاف والمتابعة؛ وهو إعلان عفوي هادف للترويج السياحي، سيكون له صدى طويل أفضل من تلك المخططات و الإعلانات الإشهارية المستنزفة لمالية وزارة السياحة، والمصوَّرَة في صالونات مكيفة،وفضاءات مرتَّبَة.. فالرجاء إانصاف محمد ومنطقته، وذلك أضعف الإيمان .
رغم ظروف الحياة الصعبة، فإن المكي محب ومخلص لوطنه ومعتز به، عكس البعض ممن يأكل الغلة ويسب الملة. قال للسائحتين الفرنسيتين: “le maroc est beau” (المغرب جميل) . هذه العبارة الجميلة والمعبِّرة عن ذلك الحب والإخلاص للوطن، رسالة للمسؤولين للتَّمعُّن جيدا في كلام محمد المكي، أملا في إلتفاتة إلى سكان المغرب العميق ، الذيني طالهم النسيان ،وإنصافهم، ومدّ يد العوْن لهم، لأنه رغم الظروف الاجتماعية والجغرافية والمناخية الصعبة، فهم مخلصين لوطنهم ولملكهم، ولا يستحقون ذلك التهميش وتلك العزلة.. القليل من الرحمة والرأفة بهم والاهتمام بحالهم ..