سياسيةمقالات رأيوطنية

مصطفى سيد البشير: لا وجود لدولة صحراوية.. نحن لاجئون ومتسولون فقط

حمادي الغاري
يعتبر مصطفى سيد البشير، واحد ممَّن عانَقَ وسارَع بالارتماء في أحضان نظام العسكر الجزائري، منذ عهد الرئيس محمد بوخروبة (المعروف   بالهواري بومدين)، الذي سعى وعمل، بكل ما يستطيع من غدر ومكر وحقد وتآمر ،من أجل أن يجد لبلده (وليس للجمهورية الوهمية التي أسسها ورعاها وموَّلَها وسلّحها..) موْطِىءَ قدَم ،ويجعل الجزائر تطل، مثل المغرب، على المحيط الأطلسي .
وسواء كان يعرف بعض رؤساء جبهة الانفصال نوايا محتضنهم بوخروبة،أم لا، فإن المؤامرة (مؤامرة بوخروبة) انطلت عليهم جميعا،لأنه دغدغ عواطفهم ،ووعَدَهم ب”جمهورية” لا توجد إلا في الأوهام، فطارُوا فرحا، وظلوا يعيشون على هذا الْوَهم في عهده، ومَن أتى بعده، طيلة ما يقرب من ثلاثة عقود، بأن تكون ل”الصحراويين” دولة، من دون أن يتساءل واحد منهم: إذا كان هذا ممكنا ،لِماذا لا يُعطي نظام الجزائر دولة لصحراوِيِيه ؟ ولماذا لا تكون في صحراء تونس،ليبيا،مصر وغيرهم، دولة خاصة؟؟ وإذا كان النظام المذكور يتشبث بمبدأ الاستفتاء وتقرير المصير،لماذا لا يعمل به في القبايل والأزواد..وغيرهما؟؟
الرئيس الجزائري الهواري بومدين ومصطفى سيد البشير
اليوم، يستيقظ واحد من الذين غرّر بهم نظام عسكر الجزائر، منذ عهد بوخرُّوبة، من غفلته أو سُباته الذي طال أربعين سنة وتزيد،ليشعر ويعرف أنه، ومن معه، كانوا يطاردون خيط دخان، ويعيشون في الوَهْم؛ وقال بوضوح لا وضوح بعده أن قيادات الصف الأول في الجبهة (الانفصالية)، هم “مجرد لاجئين يعيشون على المساعدات والتسوُّل”، وعلى رأسهم قائدهم الرخيص ،المدعو إبراهيم غالي(بن بطوش) ،الذي عيَّنته الجزائر،”رئيسا للجمهورية” الوهمية، ولا يعترف له أحد، بهذه الصفة على المستوى الأممي ،بل يعتبرونه لاجئا فقط.
 وَخزُ ضمير مصطفى سيد البشير، الذي أيقظته نسمات العاصمة الفرنسية، الذي ذهب إليها من أجل حشد الدعم لجبهته الانفصالية، في الوقت الميِّت،سرعان ما يأخذ مسارا آخر وهو يفَاجئ مَن حضر للتزوُّد بآخر مستجَدَّات وضْعِهم المعلَّق،ليُصارِحهم بأنه لا توجد “دولة صحراوية”؛ وأن الأمر مجرّد وهْم ل”جمهورية وهمية”. ولمزيد من التفصيل والصراحة ،قال :
 “يجب ألاَّ نُخطئ، هذه حكومة في المنفى لاجئة لدى الجزائر، ولد السالك، وزير الخارجية، يوجد في الجزائر؛ ووزيرنا الأول بشرايا بيون كذلك”؛ وخاطب مَن حوله: “تُطلقون عليّ صفة وزير للأراضي المحتلة، أنا أيضا لاجئ ولستُ وزيرا، فقط سأكذب على نفسي لو قلت ذلك، علينا أن نكون واقعيين ولا نغتَرَّ “.
قائلُ هذا الكلام ليس رجلا عاديا بالنسبة للانفصاليين،بل أحد قادتهم؛ وكان “وزير داخلية” قبل أن يصبح “وزيرا للأراضي المحتلة والجاليات الصحراوية في الخارج”،بتعبير “الجبهة”، ليؤكِّد لهم أن المدعُو إبراهيم غالي، هو نفسه “لاجئ وليس رئيس جمهورية، وهو مسجّل لدى وكالة غوث اللاجئين باسم غالي سيد المصطفى كلاجئ يأخذ التموين”؛ ليقول بحسرة واضحة :”نحن نتسوّل من الجزائريين، وأفرطنا في هذا التسوُّل الذي امتد لزمن طويل… منذ 46 أو 47 سنة ونحن عند الجزائريين، نتدرّب ونتسلّح و…و….”.
هل فكّر كل الذين عيَّنَهم ونصّبَهم نظام الجزائر قادةً ووزراءَ وسفراء …ومسؤولين..، لحظة واحدة، أنه يستحيل أن تكون أو تقوم لهم دولة في الصحراء المغربية؟ كيف صدّقوا أوهام بوخرُّوبة بأنه في ظرف سنوات قليلة ،سيُهزَم المغرب، ويحتفلون بإقامة جمهوريتهم جنوب المغرب ،وفي صحراء المملكة..؟ ألم يُوجد من بينهم واحد يقول ،فقط مع نفسه،هذا غير ممكن ،مستحيل..؟؟ ألم يكتشفوا ،مع مرور الأيام والعقُود، أن وعُود كل الرؤساء الذين جاؤوا بعد بوخرُّوبة، ودغدغُوا بها عواطفهم، منذ السبعينيات..كانت وهْماً على وهْمٍ..؟
ألم يتذكَّر واحد منهم أنه مغربي، أبا عن جدّ، وأنه من غير الممكن أن ينقلب المغربي على وطنه ،فبالأحرى أن يكون عاقّاً له.. وأن نظام بوخرُّوبَة وجد فيكم ضالَّتَه، وكان ينطلق من حسابات ضيقة وأحقاد شخصية على المغرب وملِك المغرب ،وسوّلت له نفسه أن يقف في وجه المغرب بجميع الوسائل ؛ وأن إنشاء كيان وهمِي لكم ،باسم دولة،سيكون بمثابة حصى في حذاء المغرب..كما قال هو نفسه ؟؟؟
إن تصريحات، حتى لا نقول اعترافات، مصطفى سيد البشير،ليست بغريبة ولا بجديدة، لأنه هو نفسه انطلت عليه المؤامرة ،وانْساقَ وراء حلُم دولة كان أحد أبرز من عيّنهم بوخروبة فيها ..ليجد نفسه في وضْع المتآمِر على وطنه الأب: المغرب.. ؛ وكان يعرف جيدا ،ومن معه، أنه لم يكن أبدا وجود،  لدولة صحراوية؛ والمغرب ظل يطالب منذ فجر استقلاله بأقاليمه الجنوبية في الصحراء…وأكثر من ذلك أن الجزائر لم تكن نفسها أبدا دولة إلا بعد عملية الاستفتاء الفرنسي الشهيرة التي ،بالمناسبة، رفض سكان تندوف المشاركة فيها على اعتبار أنهم مغاربة..لتصبح الجزائر دولة في بداية الستينيات..

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button