قضايا وحوادثمجتمعيةمقالات رأيوطنية

ريّان الأيقونة …الذي وحّد العالَم على كلمة سواء

 

حمادي الغاري

 

ريان..ياأيّها المرتوِي بعد عطش..

ريّان..ياأيها الذي شرب حتى ارتوَى..

ريّان..ياأيها الأخضر الغضّ الناعم..

لا أعرف هل ارتويتَ من عطش..؟

هل شربتَ حتى ارتويتَ..؟

هل ارتواؤك جعلَك أخضراً ..غضّاً..ناعما..؟

ريّان الذي……..

أنت ريّان الذي ارتوَى بعد عطش، والذي شربَ حتى ارْتوى..قبل أن تمضي إلى العالم الآخر،عالَم الخلُود،وتركتَ لنا رسالتك التي لم تروِ لنا عطشاً ولا ظمأً، ولو أننا قرأناها،تفحّصناها، فحصناها،قلّبْناها ،وتقبَلْناها.. على..مضض..

كل واحد قرأها بطريقته، من زاويته؛ دقّقَ فيها النظر والتأمُّل؛ غرسَ البصر والبصيرة علّق عليها العقل والأمل..أملُ أن تخرج حيّاً ،غضّاً،طريا..يحملك الجميع على الرؤوس؛يحضنك ويحتضنك..والجميع يردد سرّاً وجهراً:هذا غير معقول.

بين المعقول واللاّمعقول ،ضاع الريّان، من دون أن يعرف أحد هل ارتوَيْتَ بعد عطش، وهل شربتَ حتى ارْتويتَ؟ وأنّى لهم ذلك ،لأن الجميع : مغاربة ،مسلمون،يهود،مؤمنون،علمانيون.. ملوك،رؤساء،أدباء ،مفكرون، من عامّة الناس وخاصَّتهم، من مشارق الأرض ومغاربها..ظلوا يترقَّبون،ينتظرون، يتابعون ..نزول الخبر الذي يروي عطشهم، ويُخرجهُم من حُفرة الانتظار ،الضيّقة،النَّتِنَة ..ليُعانقوك أنت القادم من حفرة الضياع والزوال.

ريانٌ أنت ..في حياتك ومماتِك: في حياتك القصيرة وموْتك البطيء الذي شدّ النفْس والنّفَسَ ،وربطَ معها البصر والبصيرة.. حبَسَ أنفاس عالَم بكامله، بمختلف تشكيلاته وأشكاله ومكوِّناته وأطيافه وأصنافه وأنواعه، من مختلف الأديان والفِرَق والنّحل والمِلَل، بينما الجهُود، جهُود مغاربة، مبذُولة،ترافقها أكُفٌّ ممدودة إلى الأعلى، وأفواهٌ وقلوبٌ تلهج بدعواتٍ صاعدة، من عُمْق أعماقِ أفئدةٍ،إلى السماء، متضرّعةً لربِّ ريّان والأنام أن يحفظ بِحِفْظه ريّان وأقران ريان..وقرية ريان، وآباء وعائلة ريان، و….مغرب ريان..

كانت الآمال معلَّقَة على رؤية ريّان ،الذي ظل عالِقاً في ثنايا جُبٍّ منيعٍ ،عَصِيِّ..أبى أن يُفْرج أو يخفِّف من قبضته عنه، رغم آليات الحفْر والتنقيب، وأيدي مهَرَة برَرَة لها الطّول والْباع ،والتجربة والخبرة في سبْر الأغوار..

كانت القلوب والعيون تنتظر رؤية إخراج ريّان، محمولاً ، سالماً، سليماً، مُعافى، بين يدي عمّي علي المغوار.. لمعانقته واحتضانه ..كان الانتظار طويلا تناقَلته مختلف وسائل الإعلام، من مختلف المعمور لأرجاء المعمور الذي تابَع، لحظةَ بلحظة، مأساة ريّان التي هزّت العالَم بأسره ؛ عالَمٌ تحدّث عن ريّان، وقرية ريّان، ومغربِ ريّان .. بجميع لُغاته ولهجاتِه ..لكن ريّان الأيقونة رحل إلى ربّه ،راضياً مرْضيا..بعد أن ترك رسالته لوطنه وللعالم..

ريّان ،الطفل  المغربي ،ذو الخمسة أعوام، الذي وُلِد وعاش ، ما شاء الله له أن يعيش، في قرية،بإقليم شفشاون الساحرة، الهادئة، بجبال الريف الشامخة.. يجمع العالَم على موقف وشعور واحد؛ وتركَ رسالته التي ضمّنها كلمة واحدة وحيدة وفريدة :التضامن.

نعم ،في لحظة وجيزة حصل تضامنٌ قلّ نظيره ..لافتٌ،نادِرٌ ورهيب ؛تضامنٌ تم ترديده بجميع اللغات واللهجات في جميع القارات ؛ وردّدته ملايير الحناجر وملايين وسائل الإعلام ،الناطقة بمختلف الألْسُن ،داعية له بالرحمة والمغفرة و…الرّيّان.. من دون أن تنسى التذكير والإشادة أن المغرب حرّكَ جبَلاً من مكانه من أجل أن يُنقذ أحد أبنائه….
إنه ريّان الأيقونة …الذي جمعَ العالَم على كلمة سواء.

 

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button