قيادة بواحمد: خطورة تفاقم ظاهرة الأزبال والقاذورات بجماعتي اسطيحات وبني بوزرة ؟!
نور24 ـ عبدالإله الوزاني التهامي
تثير “آفة” الأزبال والمياه العادمة، المنتشرة بتراب قيادة بواحمد، جماعتي بني بوزرة واسطيحات، الكثير من التساؤلات حول دور المؤسسات الموجودة في هذه البؤر المسيئة لسمعة المنطقة ؛ وإذا ما استحضرنا ما لمطارح النفايات من أضرار تطال التربة والهواء والبيئة والفرشة المائية والصحة العامة للمواطنين، فضلا عن التشويه الجلي لجمالية المناظر الطبيعية، سندرك خطورة الظاهرة .
سواء تعلق الأمر بمطرح اسطيحات، أو الأزبال المنتشرة خلف التجمعات السكنية، وأسفل مسجد بواحمد، وسوق الثلاثاء الأسبوعي، وعلى ضفاف الوديان، فإن “عصارة” تلك الأزبال السامة والخطيرة، منها ما يطفو على سطح المطرح، ومنها ما يتسرب في التربة لعدم وجود ما يحمي المطرح من مثل هذه التسربات السامة، إلى جانب وجود بؤر أزبال متراكمة بعشوائية في أكثر من نقطة.. مما يتسبب في بروز مشاكل صحية خاصة بعد امتزاجها بالهواء والمياه الجوفية والعيون والسواقي.
صور تُغني عن أيّ تعليق….
وباعتبار النفايات موادا فقدت أهميتها بعد استعمالها من طرف المستهلك، فإنه إذا ما تم التعاطي معها بطريقة غير ملائمة، تنقلب إلى حالة خطر على الصحة والبيئة؛ كما ينبغي الفصل والتفريق بين الأنواع المختلفة للأزبال والنفايات، ووضْع كل صنف في مطرح خاص، منه ما يتم التخلص منه بطرق سليمة، ومنه ما يتم التعامل معه عن طريق تنقية ترفع عنه درجات الخطورة.
إن أي شخص بتراب قيادة بواحمد، معرّض لسموم وأضرار النفايات، إما عبر التنفس أو الجلد أو عبر الأغشية المخاطية أو البلع، كتناول طعام أو خضروات وفواكه، أو مشروب تسربت إلى جوفه النفايات، وهذا يحدث بسبب تسربات مياه الصرف الصحي العشوائية، مثل الموجودة بسهل بواحمد أسفل مقر كل من القيادة والجماعة، إلى جانب تسربات عصارة المطارح إلى الآبار والوديان والبحر.
وسواء كان الإنسان واعيا بخطورة هذه النفايات أم لا، فإنه يصاب بأضرار المطارح ومياه الصرف الصحي عن طريق الجهاز التنفسي والجلد، باستنشاق “الرذاذ المزود بمواد كيميائية وجراثيم وغبار؛ ومن هذه المخاطر على الصحة:
التهاب الجلد (dermatitis).
التعرض لباكتيريا الكزاز (Clostridium tetani).
الهباء الحيوي (Bioaerosol)، باعتبارها كائنات دقيقة تسبح في الهواء، يحدث هذا أساسا في محيط المطارح والبؤر الآسنة الموجودة في بيئة رطبة ودافئة، كالمطلة على البحر أو المجاورة للأنهار. ومن هذه الأمراض ما ينتقل بسهولة للجنين، ويؤدي لمضاعفات خطيرة عليه وعلى المرأة الحامل.
وكلما تكدست النفايات والأزبال والمياه العادمة، بجماعتي اسطيحات وبني بوزرة، فإن مخاطرها الصحية والنفسية والمعنوية على الإنسان والبيئة والحيوان، تتفاقم وتزداد تعقيدا،
حيث تعشّش وتتناسل الحشرات والفئران والذباب، وهذه تنقل بدورها الجراثيم للإنسان والحيوان والبيئة.
أما عن الأضرار المصيبة للبيئة، فمنها تشويه المناظر الطبيعية بالجماعتين، وانتشار الروائح الكريهة بين السكان، والتأثير على النظام الحيوي في نقط ومحيط مطرح النفايات والبؤر الآسنة، باستجلاب القوارض والحشرات السامة وغير ذلك..، دون نسيان ما ينبعث من المطارح من غازات، مثل “غاز الميثان” و”ثاني أوكسيد الكربون”، وهي غازات يؤدي تزايدها إلى انحباس حراري.
في هذا السياق، تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن “الترميد العشوائي” للمواد التي تحتوي على “الكلور “، يؤدي إلى إفراز “ديوكسينات وفيورانات”، أي من المواد المسببة للسرطان البشري.
ومن المؤكد أنه إذا ما تم القطع مع ظاهرة انتشار الأزبال والمطارح العشوائية والمياه العادمة، وتأسيس مرصد بيئي لتتبُّع ومراقبة كل ما له صلة بالبيئة والصحة العامة، ستكون منطقة قيادة بواحمد، بالتزامن مع ارتفاع الكثافة السكانية، على مشارف التمدن والتحضر..
إن مطرح النفايات المحسوب على جماعة اسطيحات، مثلا، يثير تساؤلات بين أوساط المهتمين الذين يعتبرون موقع المطرح المثير، الذي يوجد في واجهة الطريق الساحلية الرئيسية، كما أنه تجسيد لعشوائية تدبير موضوع النفايات، ويرون أن عدم التعاطي بحزم مع الموضوع، مؤشر على عدم إيلاء الأهمية المطلوبة للإنسان وللبيئة، الشيء الذي من شأنه أن يخلف انطباعا سيئا لدى الزائر، فضلا عن الساكنة…
يحدث هذا بقيادة بواحمد، رغم مجهودات المغرب الكبيرة المبذولة في المجال البيئي من أجل “عدالة مناخية وبيئة سليمة”، إذ تظل النقط السوداء المتمثلة في حالة مطرح اسطيحات والأزبال والمياه العادمة المنتشرة، مؤشرا مقلقا لا يبعث على الارتياح .
يبقى التساؤول المطروح: هل يليق بأي مواطن، وأي مسؤول، أن يرى، من الطريق أو من البحر، مطرحا ملوثا للبيئة ومضرا بصحة المواطنين..؟ هل يرضى المسؤولون والمنتخبون باستمرار تعرُّض المواطنين للأضرار، جراء انتشار ظاهرة الأزبال والقاذورات والمياه العادمة في تراب قيادة بواحمد ؟!