جهاتقضايا وحوادثمقالات رأي

ضواحي مراكش بين قسوة الاقصاء و عنف الكارثة الطبيعية

 بوشعبة زهور

زلزال ضواحي مراكش، فاجعة تميزت بالتآزر وبحملة شعبية لدعم ضحايا الزلزال، فالجانب المأساوي الذي عاشته البلاد إثر الكارثة الطبيعية، تركت آثارا في صفوف الضحايا فارتفع عدد القتلى والمعطوبين، ناهيك عن الآثار النفسية لدى الفئة الناجية من الفاجعة، فئة عاشت العزلة في زمن الكرامة والعدالة الاجتماعية بل العدالة الإنسانية، فئة حاضرة في الجغرافيا وغائبة في البرامج الحكومية والمؤسسات السياسية كفعل إجرائي في أرض نائية، قطعة من أرض الوطن، فئة دون بطاقة التعريف ليمنحها إياها زلزال الحوز بتاريخ 8 شتنبر 2023 تحت رقم 2680 قتيل. عدد من أصل رقم لم يحدد قبل الفاجعة، فئة واجهت القوة بالهشاشة والضعف، واكتفت بالحد الأدنى من السقوف والحد الأدنى من الجدران، لا تأمل إلا بالاستمرارية في الحياة، لتجد نفسها داخل خانة تحمل عنوان المغرب الغير النافع، فئة استفرد بها القدر فنالت حصتها من الكارثة الطبيعية، شكلت موضوعا لعدد من المشاهد، ساهمت في نشرها كل من المواقع التواصلية والإذاعات الوطنية وكذلك المحطات الدولية، تاركة وراءها بصمة أليمة في نفوس المغاربة، لم يجدوا حلا سوى تقديم المساعدة لضحايا الزلزال، المنكوبين الذين لازالوا على قيد الحياة وآخرين في عداد القتلى بعد محو بعض الدواوير من جغرافية المغرب؛ لم يتطلب الأمر سوى ثواني وبنية هشة: آليتان للحسم النهائي في الوجود واللاوجود مسرحية تراجيدية فرجة الأحزان، أبطالها ضحايا كانت تحت الأنقاض ومتفرجيها جمهور يبكي دويه المفقودين، أسر لم يعد لها وجود في الحياة في ظرف زمني قياسي يصعب رصده وقياسه يتميز بالتعقيد حيث اختفت دواوير وأسر، ثم بناؤها في مدة زمنية طويلة، لتنتهي بسؤال جوهري حول مصير المنفلتين من قبضة القدر: هل لابد من الكوارث لوضع حلول آنية بعد تسجيل نتائج وخيمة في أجساد بشرية كفاقدة أو مفقودة؟

فالتصدي للخطر عملية مستحيلة أمام العزلة والهشاشة، فضحايا الزلزال تعرضوا للظلم في حياتهم وفي مماتهم. إنهم قتلى وليس بموتى. وحالة الناجين من الفاجعة، تثير الشفقة وتسيل الدموع، هذا ما أثار تآزر وتضامن المجتمع المغربي مع “المنكوبين” (مصطلح لا أحبذه فوجوده في القاموس سمح لي باستعماله). فالدواوير وبعض البوادي خارج التغطية ولا أقصد بها التكنولوجيا، بل التغطية التنموية وكذلك العدالة المجالية مع تقليص الفوارق الاجتماعية وضمان الكرامة لكل فرد داخل المجتمع. عناوين عريضة تؤثث كل برامج الأحزاب السياسية منها المكتوبة والخطابية وكذلك المؤسسات الحكومية فحتى عند سماع الفاجعة وفي اللحظات الأولى تم تموقعها في مراكش وأصبح السؤال حول صومعة الكتبية وحول المنازل وبعض المرافق السياحية هذا لا يعني تفضيل مكان أو جماعة عن الأخرى لكن لا يجب إقصاء مكان عن آخر. فالزلزال أو أي كارثة لا نتمناه لأي مكان في العالم.

فإيجابية زلزال الحوز هي زعزعة الأذهان والتفاتة اضطرارية تحمل بداخلها قوة الفعل تحمل جزء منه المواطنين، فالبادرة لا تستمر أكثر من شهر والباقي يعتبر ورشة اجتماعية سياسية اقتصادية، تستلزم استراتيجيات محكمة واستباقية، تضمن شروط الحياة لكل أفراد المجتمع. فالكوارث الطبيعية لن تضرب موعد الحدث، فهي فجائية في التوقيت وعنيفة في الوقوع فقوتها أمام الهشاشة تؤدي إلى الدمار بالإضافة زلزال الحوز لم يحدث منذ قرن من الزمن فهو بمثابة صفعة موجهة إلى المسؤولين عن تدبير شؤون البلاد فالكوارث تفضح مستوى البلدان وتعتبر أجراس الخطر تستدعي الإجراء الفعلي النابع من برامج محكمة بالعقل خارج التهييج المشاعري الذي يعبر عن أخلاق المغاربة وعن حسهم التضامني وعن شيم وقيمهم. يستحقون تنمية معممة في جميع أنحاء بقاع المغرب، حان الوقت في انطلاقة مشاريع سياحية جبلية فالساكنة في حاجة إلى سكن يليق بها، وإلى مدارس للقضاء الهدر المدرسي، وكذلك إلى العمل من أجل ضمان القوت اليومي، من العار أن نجد دواوير خارج منظومة الكرامة الإنسانية وخارج مغرب القرن 21. ليرتفع بكاء المتضررين من زلزال 2023 وأنين اليتامى والعجزة، حاملين جروح نفسية يصعب إلتآمها جراء فقدان كل شيء طالبين النجدة من وطن الذي يفتخر بأبنائه، فيعلن ملك البلاد حداد لثلاثة أيام ويعطي تعليماته لتتبع المناطق المتضررة من الكارثة الطبيعية.

أعلن الحداد ونكست الأعلام، في انتظار الغد، غد أفضل يتحول الدعم الاجتماعي إلى مسؤولية مؤسساتية تجاه مناطق نائية، فالكرامة سر الوجود تغير الفرد من الجمود والرأي الأحادي إلى فاعل ومبدع ينتج ويساهم في تنمية الوطن، فالمسؤولية مشتركة بين المؤسسات والمجتمع، شريطة أن تكون معقلنة لها استراتيجية محكمة ينخرط فيها أهل الاختصاص من أجل إعادة التأهيل ونشر ثقافة الكرامة بعيدا عن مد اليد والحصول على الصدقة والنقود السهلة فالمغاربة لهم حقوق وواجبات أمام الوطن العزيز وطن المغاربة جميعا.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button