سياسية

صراع المفاجآت: كيف أخطأت إيران وإسرائيل في تقدير قوة بعضهما البعض

في التصعيد العسكري الأخير الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط في يونيو 2025، تبين أن كلاً من إيران وإسرائيل ارتكبا أخطاء استراتيجية جسيمة في تقدير قوة الخصم. لم تتوقع إيران أن تنفّذ إسرائيل هجومًا جوياً بهذا العمق والدقة على منشآتها النووية (نطنز وفوردو) ومواقع حساسة تشمل مراكز قيادة واتصالات دفاعية، باستخدام أسلحة متطورة وتقنيات سيبرانية دقيقة.

في المقابل، صُعقت إسرائيل بردّ إيراني غير مسبوق، حيث أطلقت إيران أكثر من 200 صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة باتجاه العمق الإسرائيلي، مستهدفة محيط الأهداف العسكرية والعامة في تل أبيب. رغم اعتراضات منظومات الدفاع، سقطت صواريخ أدّت إلى أضرار بشرية ومادية، ما أسقط هيبة شعور التفوق الأمني داخل إسرائيل.

الأمر الأكثر تشابكًا كان “ضربة الموت” التي نفّذتها إسرائيل ضد النظام الإيراني نفسه. ففي صباح 13 يونيو 2025، نفّذت إسرائيل “عملية Rising Lion”، مستهدفة ليس فقط المنشآت، بل اغتيال قادة إيرانيين كبار، تضمن:

الجنرال حسين سلامي، قائد عام الحرس الثوري الإيراني

الجنرال محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية

الجنرال غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء

الجنرال أمير علي حاجي‌زاده، قائد القوة الجوية – الصاروخية بالحرس

بالإضافة إلى فريدون عباسي–دواني ومحمد مهدي طهرانشي وغيرهما من العلماء النوويين .

مثل هذا “الضربة القاضية” على قيادات النظام جاءت بمثابة زلزال سياسي وعسكري داخلي في إيران، وعكس هشاشة القدرات الاستخباراتية للدفاع الإيراني.

هذا التبادل الدامي كشف واضحًا عن خلل جذري في منطق الردع لدى الطرفين: إيران أخطأت الظن بأن الرد الإسرائيلي سيكون محدودًا أو رمزيًا، مقابل اعتقاد إسرائيل بأن إيران ترد عبر وكلائها فقط. لكن الواقع خالف التوقعات، وأفرز مرحلة جديدة من المواجهة العلنية، وهدد بإشعال صراع إقليمي شامل.

هذا الحدث يصعب تصنيفه فقط كعملية عسكرية؛ إنه تحوّل نوعي في قواعد الاشتباك الإقليمي. وستُكتب له تبعات طويلة الأمد، سياسياً واستراتيجياً، في الجغرافيات والتوازنات الدولية.

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button