منوعات

من هم “زوالش”؟ لغز اسم سكان أصيلة أو أزيلا

بقلم د. خالد مهدي

لماذا يُعرف سكان مدينة أزيلا – أو زيلا كما كانت تُسمّى قبل الاستعمار – بلقب “زوالش”؟ وما سرّ هذا الحرف الذي يختتم الاسم ويثير الفضول؟

تاريخيًا، لم يكن اسم “أصيلة” هو الاسم الأصلي للمدينة؛ إذ اعتمد بعد الاستعمار الفرنسي-الإسباني، بينما كانت تُعرف سابقًا بـ”أزيلا” أو “زيلا”، وخلال الاحتلال الإسباني حُرّف اسمها إلى “أرزيلا” (Arcila). وبالنظر إلى أصول التسمية، يتضح أنّ سكان زيلا الأصليين كانوا يُنسبون إلى مدينتهم بقولهم “زيلاشي” – أي المنتمي إلى زيلا – ثم جرى جمعها لتصبح “زوالش”، فصار حرف الشين علامة على الانتماء إلى آل زيلا.

هذه الظاهرة اللغوية ليست غريبة على الموروث الأندلسي. فقد عُرف عن الأندلسيين – خاصة المهاجرين المطرودين من البرتغال إبّان محاكم التفتيش – أنهم يلحقون حرف الشين بألقابهم، مثل: “اعجيبش” نسبةً إلى ابن عجيبة، و”بولعيشيش” نسبةً إلى بولعيش. ويُرجّح الباحثون أنّ هذه اللاحقة “ش” تأثرت باللهجات القشتالية المختلطة بلسان الموريسكيين بعد سقوط الأندلس، وأدّت وظيفة مشابهة لحروف النسبة أو الجمع في لهجاتهم ذات الجذور العربية-السريانية.

ولا يقتصر هذا الأثر على الأسماء الفردية؛ فقد امتد إلى أسماء القرى والعائلات. فقرية “جنانيش” الساحلية مثال بارز على هذه اللاحقة الأندلسية، وهي معروفة بهجرات أندلسية مكثفة. وفي طنجة نجد مدشر “النونويش”، وفي نواحي تطوان تنتشر عائلات تحمل أسماء تنتهي بالشين، مثل: الشعيرش أي المنتمي لعائلة الشعيري، وشقرش، وعياضش، وحموتش، والسعيديش.

كل هذه الشواهد تجعل من حرف الشين علامة لغوية على الانتماء والهوية الأندلسية، سواء تعلّق الأمر بمدينة زيلا – حيث أصبح المنتسب يُعرف بلفظ “زيلاشي” أو “زوالش” – أو بعائلات أندلسية حملت نفس السمة في ألقابها. إنها بقايا حيّة من ذاكرة الهجرات القسرية من الأندلس والبرتغال، ونقش لغوي لم يُمحَ رغم مرور القرون.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button