ثقافية

عَقْلِيَّةُ القِرَدَة وثقافَةُ العَرْبَدَة!!!

  د.عبد الكبير بلاوشو
حِكاية قديمة لاَ علاقة لها بِرواية: كَوْكَبُ القِرَدَة “لِبْيِير-بُولْ” أو بأغنية: قِرَدَةُ الحَيِّ “لِجَاكْ ابْرِيلْ” ، بل ورد ذِكرُها في “خُرافَات أَيسُوب” في العصر الرُّومَانِي.
هِي حكاية ذات وَقْع و حُضُور قَوِيّ في المشهد السياسي اليوم.
يُحكَى أنَّ حاكماً جلس ذَاتَ يومٍ على كُرْسِيِّه ، وطلب أن تُقَام مُسابقة لِلْجَمَال في حَضْرَتِهِ ، وأن تتقدَّم الحيوانات ذات الجمال للاستعراض، على أن يَتِمَّ إعلان الفائز بالمسابقة و يحصل على جائزته في نهاية الاستحقاق.
بدأت المخلوقات الحيوانية بالفعل في التَّبَاري و المرور واحداً تِلْوَ الآخر أمام الحَاكِم كُلُّ وَاحِدَةٍ تختال بِجَمالِها: مَرَّ الغزالُ وصغيرُهُ، والطَّاوُوس يَتباهَى بِجمَالِه هو وابنه، ثم جاءت الزَّرافَة وصغيرها، والأسد وشَبْلُه، وبعد انتهاء المسابقة، وقبل إعلان الفائز بالجائزة ،فُوجِئَ الحاكم بِقِرْدَةٍ تتقدَّمُ هي أيضاً أمامه مُسْتَعْرِضَة، بِخيلاء ،جَمَالَ ابْنِها القِرْد الصَّغير. 
حاول الجميع إقناعها بِأَنَّ ابْنَها ليس جميلاً كَبَقِيَّةِ المُشاركين، لَكِنَّها رَفضَتِ الإِنسحاب من المسابقة، وأَصَرَّتْ بِقُوَّة أَنَّ ابنها الأجمل و الأجدر والأَحَقُّ بِهَذَا الإِستِحقَاق من كلِّ الحيوانات الَّتِي مَرَّت أمام الحاكم.
حينها ضَحِكَ الحَاكِمُ ،وقال كَلِمَتَهُ الشَّهيرَة: “أُتْرُكُوها…فَالقِرْدُ في عَيْنِ أُمِّه غَزَالٌ”. و مُنْذُ ذلك الوقت إانْتَشَر المَثلُ وأصبح يُقَال حتى يَوْمِنا هذا.
 تَذَكَّرْتُ فِي زَمانِنَا كَمْ من قِرْدٍ (سِيَاسَوِي) -بِمَلامِح وتَجَلِّيَات كاذبة و خطاب مُنَمَّق و مَاكِيَاج رَدِيءْ- تَقَدَّسَ في عَبَثِه حتى اعْتَقَد نفسه “غَزال” لَمْ يَمْنَعْهُ الحيَاءُ و لا مُرِيدِيه مِنْ أَنْ يَلْهُوَ و يَنتفِخَ و يَنْعَمَ في رِيعِ المَوْزِ المُستَوْرَد الذي أَهْدَتْه إيَّاه (الغَزَالَة/أُمُّه) من صادرات البرازيل التي كان خادِماً لَهَا باسم العقيدة و الولاء ، لكن على حساب الْوَطَن والمُواطِن المقهور،  و قِيَم النُّبْلِ في العمل السياسي.
إِنَّهُ سُؤَالُ الجَمالِ في النضال المهني وِفْقَ مَنظُومَة الحفاظ على الأَمَانَة.
 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button