سياسيةعربيةمقالات رأي

تطبيع أنظمة لا تطبيع شعوب!

سفيان قديح

الشعوب العربية مغلوب على أمرها ولا تملك من أمرها شيئاً. لكن، مطلوب منها أن تقول كلمتها، في ظل التنازل المتراكم من قبل الأنظمة التي تحكمها، عن القضية الفلسطينية.
جميعنا يتذكر مواقف العز لبعض حكام العرب السابقين تجاه القضية الفلسطينية مثل الشيخ زايد، والملك فيصل  والرئيس صدام حسين..، هؤلاء جعلوا لهم ولشعوبهم مكانة في نفوسنا كفلسطينيين، حتى أطلقنا على شوارعنا ومدننا وقرانا أسماءهم، وسمينا أبناءنا بأسمائهم كنوع من التكريم لمواقفهم ومازلنا نردد تلك المواقف.

فما الذي تغير لتتبدل هذه المواقف؟

لو عدنا للخلف قليلاً، قبل ثورات الربيع العربي، لوجدنا حالات تعاون من قبل بعض الأنظمة العربية مع الصهاينة. لكن السؤال الذي يطرح هو ماذا جنوا وراء التواطؤ والخيانة؟ وبم نفعتهم إسرائيل؟  لقد تركتهم لشعوبهم ليقرروا لهم المصير. فإسرائيل وأمريكا تعتبران الأنظمة العربية كالملابس، وقتما أصبحت بالية خلعاها واستبدلاها بملابس جديدة، سعيا لتحقيق مآربهما التي تتغير بتغير الحكام.

حفل توقيع الاتفاق بين الإمارات والبحرين وإسرائيل

علمنا التاريخ أنه لا يرحم أحدا، وتوالت على أسماعنا الأخبار كاشفة أنه من يوالي عدوه لا يصل لمراده، لأن الفطرة العربية السليمة تعني أن تبتعد عن أي تأييد للكيان الغاصب الذي أقيم على دماء العرب في فلسطين، والشواهد على ذلك كثيرة وكبيرة وجلية لكل صاحب عقل لبيب.

نكبة48، خير شاهد على بشاعة الكيان الصهيوني،  حيث ارتكب الصهاينة أبشع الجرائم، شردوا وقتلوا ونكلوا بالفلسطينيين وهجروهم إلى منافي الشتات، ليقيموا دولتهم على أشلاء شعب فلسطين الأعزل.

ما لا يستوعبه عقل عربي أصيل، أن يضع العرب أيديهم بأيدي القتلة والمجرمين، ويؤسسوا لمرحلة تعايش معهم، تحت مسمى “التعايش من أجل السلام”، عبر اتفاقيات خزي وعار لن تجلب لهم الا المزيد من سواد الوجه والمذلة.

بكت عيني، وأصابتني قشعريرة في جسدي حين أعلن الإماراتي والبحريني توقيع اتفاق سلام وتعايش مع الصهاينة، مبررين بذلك جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، فأي صاروخ تقصف به إسرائيل غزة ويقتل الأطفال والصغار والكبار، سيكون بمباركة هذه الدول وتأييدها، وبذلك كشفا لنا سوءاتهما، وتبين جليا موقفهما تجاه قضية فلسطين، القضية الواضحة الكاشفة الرافعة الخافضة.

لا أعلم كيف نام العرب ليلة أمس؟! وفي البيت الأبيض وإسرائيل يرقصون فرحاً وطرباً على توقيع اتفاق التطبيع. هل ناموا وهم يحتسون نبيذ كفار قريش، وهم يجتمعون لقتل محمد صلى الله عليه وسلم، طالبين العون من الشياطين لوأد الدين الجديد في مهده؟، فقد جربوا معه الحصار والمنح والعطايا ولم يتراجع. وهاهم اليوم يجتمعون لتوقيع اتفاقيات جديدة، قتل وذبح الشعب الفلسطيني تحت مسمى التعايش. الشعب الذي جربوا معه الحصار والمنح والعطايا ولم يركع ولم يستسلم، وكل يوم يسطر صفحات عز من جديد وما خفي أعظم.

أغلب الأنظمة العربية قامت على التغني بالقضية الفلسطينية، وحينما يعتلي أحدهم كرسي الحكم ويتمكن منه، يبطش بالقضية الفلسطينية، مراعياً أن بقاءه على هذا الكرسي هو تطبيق ما يريده الصهاينة، فيعطي قسم الولاء لهؤلاء في الحديقة الخلفية لقصره.

المتتبع لكثير من اتفاقيات وحروب الصهاينة يجد تاريخها مربوط بتاريخ توراتي عندهم أو تاريخ ذل مرتبط بالعرب وهذا ما حصل أمس في ذكرى اتفاقية الذل والعار أوسلو، حصل توقيع الدول المطبعة في البيت الأبيض لاتفاقية سلام جديدة.

الغريب في الأمر أن الدول المطبعة ليس لها عداوات منذ نشأتها مع الصهاينة، ولكنهم قالوا في مبرر التوقيع أنه من أجل وقف الحروب وطلباً للحل العادل للقضية الفلسطينية.

أيها المطبع العربي: إن أصحاب الحق لا ينسون؛ وجيل بعد جيل، كبارهم يسلمون صغارهم سر هذه الأرض المباركة ومفاتيحها وقسم العقيدة الذي هو في قلب كل فلسطيني وعقله، إن فلسطين جزء من العقيدة السليمة للمسلم الأصيل الذي لا يمكنه التنازل عن شبر منها ولو هزلاً ولا يحق لأحد كائنا من كان أن يتنازل عنها..
والتاريخ لن يرحمكم وسيذكركم في صفحات الذل والعار والخزي والشنار.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button