نار حماس، ولا نعيم الخليج!
بقلم/سفيان قديح
العناوينُ المنمّقةُ جذابة و براقة، وتحملُ في مضمونِها كثيرًا من التفاصيلِ المخفيةِ، كما في هذه التصريحات التي تناقلتها وسائل الإعلام عن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريلُ الرجوب على حينِ غفلةِ من ساسةِ سلطتِه.
المتتبعُ لبدايةِ الانقسامِ الفلسطينيّ والعراقيلِ التي وضعتها حركة فتح منذ العام 2006، حينما فازت قائمةُ التغييرِ والإصلاحِ التي تقودُها حركةُ حماس في الانتخاباتِ التشريعيةِ، والتي حققتْ فيها فوزًا ساحقًا أذهلَ الجميعَ.
بدأَ قادة فتح بالعمل كالرداحات ضمنَ حملةٍ ممنهجةٍ؛ لاستهدافِ وتشويهِ قياداتِ حركةِ حماس، وقائمةِ التغيير والإصلاح، تارة بالتهجمِ عبرَ الإعلامِ على قياداتِ الصفِ الأوّلِ في الحركةِ، وعلى أبنائها، وتارة تشكيل المليشياتِ وفرق الموتِ للقتلِ والتعذيبِ والتهديدِ في حالةِ انفلاتٍ لم يسبقْ لها مثيلٌ، ولا ننسى العبارةَ الشهيرةَ لأحدِهم: (وحياة أبوكم إلي في فتح سألعبهم خمسة بلدي من هان لما تنتهي الأربع سنوات).
ليتهم صبروا وصمتوا إلى حين انتهاء الأربع سنوات.
نبيل عمرو أمس، وهو أحد قياداتِ السلطةِ قالها بالحرفِ الواحد، ما حدث في انتخابات 2006، هو انقلاب على نتيجة الانتخابات من قبلِ قياداتِ السلطة، وحركة فتح.
حركةُ فتح التي لم تستوعبْ أن لها ندّا وخصمًا قويا في الشارع الفلسطيني، لم تستوعبْ أن يفوزَ الأخضرُ على الأصفر في هذه الانتخاباتِ، والتي سبقتها الانتخاباتُ البلدية والتي حققت فيها قوائم التغيير والاصلاح فوزًا ساحقًاْ.
مسيرة المصالحة من القاهرة إلى مكة، وإلى صنعاء ومن ثم إلى غزة، واليومَ إلى إسطنبول.
هذه محطاتٌ للمصالحةِ الفلسطينيةِ، والتي لعل وعسى أن تقترب من حلِّ شفرةِ الانقسام، وطيِّ صفحاته السوداء إلى الأبد.
فلهذا تجدُ أن المواطنَ الفلسطينيّ لا يأبهْ لاجتماعات المصالحة، إلا حينما ترى النورَ، ويرى خطواتٍ عملية على أرضِ الواقعِ؛ لأنه تعرضّ لصدماتٍ قويةٍ على مدار 14 عامًا من الانقسام.
جبريل الرجوب رغمَ أنهُ يتحملُّ جزءا كبيرا من الانقسام الفلسطيني، لكنه اليومَ انبرى، وقاد وفدَ السلطةِ وفتح للمصالحةِ الفلسطينية، وتصريحاتُه الغريبةُ تفهمُ في سياقِ التقاربِ الحميمِ مع حركةِ حماس، أم أن الأمور ستتغير؛ لأن الواقعَ والإقليمَ يقولُ عكسَ ذلك؛ ولأن مسلسلَ المصالحةِ قد بدأ مسيرتَه قبل ما يزيد عن 12 عامًا، وكلمّا اقتربَ من الحلِّ النهائيّ، ولم شملِ الفرقاءِ، تعودُ الأمورُ لنقطةِ الصفرِ!
ماذا يقصدُ جبريل الرجوب بجنةِ الخليج ؟
هل كانَ الخليجُ له دورٌ في دعم الانقسام الفلسطينيِ الداخلي؟
سؤالٌ لابدَّ أن نجدَ له جوابًا في الأيامِ القادمة، وماذا فعلت جميعُ الأطرافِ الدوليةِ ضدّ مسيرةِ المصالحةِ الفلسطينية؟
أم أنّ الأطرافَ الفلسطينية قد وصلَت إلى نتيجةِ أن الإقليمَ لا يريدُ للفلسطينيين أن يتوحدوا؛ من أجل تحقيق مآربهم في التطبيع، ومسح القضية الفلسطينية شيئًا فشيئًا تحت ذريعةِ أن الفلسطينيين منقسمون، وغير موحدين في قرارهم؟
أم أن جولةَ المصالحةِ لعبةٌ جديدة؛ من أجل إنقاذِ محمود عباس مما هو فيه، حيث تم تركه وحيدًا، هو وسلطته في مواجهةِ الجميعِ؟
تساؤلاتٌ كثيرة، ستكون الأيامُ القادمة خير مجيبٍ لها.